للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حُكي "اللُّذَيَّا"، و"اللُّتَيَّا" بضمّ الأوّل منهما. والأولُ أقيس؛ لأنّ هؤلاء يجمعون بين العوض والمعوَّض.

فإذا ثنّيتَ أو جمعتَ شيئًا من هذه الأسماء، لم تُلحِقه ألفًا في آخِره من أجل الزيادة التي لحقته، وذلك قولك في التثنية: "جاءني اللَّذَيّان قاما"، وفي الجرّ والنصب: "مررت باللّذَيَّيْنِ قاما"، و"رأيت اللّذَيَّيْنِ قاما". وتقول في الجمع: "جاءني اللّذَيِّينَ"، و"رأيت اللَّذَيِّينَ"، و"مررت باللِّذَيّينَ". ومن قال: "اللّذُونَ" في الرفع، قال: "جاءني اللّذَيُّونَ"، فيضمّ الياء المشدّدة قبل الواو، ويكسرها في الجرّ والنصب، كما يفعل في الصحيح.

وكان أبو الحسن يذهب إلى أنّ الألف المزيدة للتصغير مقدّرةٌ، وإنّما حُذفت لالتقاء الساكنَيْن، وبقي ما قبلها مفتوحًا، ليدلّ على الألف المحذوفة على حدّ "المُصْطَفَيْنَ" و"الأَعْلَيْنَ"، فيقول: "جاءني اللّذَيَّوْنَ" بفتح الياء، و"رأيت اللّذَيَّيْنَ"، و"مررت باللّذَيَّيْنَ"، فيكون لفظُ الجمع فيه كلفظ التثنية، غيرَ أنّ نون التثنية مكسورةٌ، ونون الجمع مفتوحةٌ.

وتقول في المؤنّث: "اللّتَيَّا"، وفي التثنية: "اللُّتَيَّانِ" في الرفع، وفي النصب والجرّ: "اللَّتَيَّيْنِ"، وفي الجمع: "اللّتَيَّاتُ" على المذهبَيْن جميعًا.

وأمّا "اللاّتي"، فلا يُحقَّر على لفظه؛ لأنّه جمع كثرة، فردّوه إلى الواحد، وصغّروه، ثمّ جمعوه بالألف والتاء؛ لأنّه مؤنثٌ كما يُفعَل بالجمع من غيرِ المبهم، نحو قولهم في "جِفانٍ"، و"قِصاعٍ": "جُفَيْناتٌ"، و"قُصَيْعاتٌ". قال سيبويه (١) استغنوا بجمع الواحد المحقَّر السالم إذا قلت: "اللَّتَيِّاتُ"، كما استغنوا عن تحقير "القَصْر"، وهو "العَشِيُّ"، و"المَساء" بقولهم: "أتانا مُسَيَّانًا وعُشَيَّانًا" وكذلك "اللاّتي"، تقول فيها: "اللَّتَيَّاتُ". وكان الأخفش يحقّر اللاّتي على لفظه، فيقول: "اللَّوَيَّا"، كأنّه يحذف التاء من آخره؛ لئلاّ يصير الاسم المصغّر بزيادة الألف التي للتصغير على خمسة أحرف، فيخرج عن بناء التصغير، ويحتجّ بأنّه ليس بجمع "اللَّتِي" على لفظها، وإنّما هو اسمٌ للجمع، كقولك: "نَفَرٌ"، و"قَوْمٌ"، وهو القياس. وكان المازنيّ يقول: إذا آل الأمرُ إلى حذفِ حرف من أجل الألف الداخلة، فتحذف الألف التي هي بعد اللام، وهو أولى. قال: لأنّه زائد إذ كان في تقدير فاعلٍ.


= إليها محلها الجر. وجملة "تردت": جواب شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "بعد اللتيا واللتيا ... " فقد حذفت صلة الاسمين الموصولين. من النحاة من قال لتصغير التحقير ومنهم من قال لتصغير التحبب والتعظيم، وجملة الصلة لا محل لها.
(١) الكتاب ٣/ ٤٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>