للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يكون من "قَصَرْتُه"، أي: نقصته من قَصْر الصلاة من قوله تعالى: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} (١)، أي: تنقُصوا من عدد رَكَعاتها، أو هَيْأتها، وإن كانا يؤولان إلى أصل واحد. ألا ترى أن قصر الصلاة إنما هو حبسُها عن التمام في الأفعال، وذلك أن الاسم المقصور كأنه حُبس عما استحقه من الإعراب، أو نقص عن الممدود الذي هو أزْيَدُ لفظًا؟

وأما الممدود، فكل اسم وقعت في آخره همزة قبلها ألف، وقد احتاط بعضهم، فقال: كل اسم وقعت في آخره همزة قبلها ألف زائدة، وذلك قَيْدٌ زائدٌ في الحقيقة، فإنّ الألف التي تكون قبل الهمزة في الممدود على ضربين: أحدهما أن تكون منقلبة عن واو أو ياء، وهو عين، والآخر أن تكون زائدة غير منقلبة. فالأول - وهو قليل- قولهم: "ماءٌ"، و"شاءٌ"، و"آءٌ"، و"راءٌ"، لضربَين من النبت، الواحدةُ "آءةٌ"، و"راءَةٌ". وقال بعضهم في "رُؤْيَةٍ": "رَاءَةٌ". فهذا أجرى الألف الأصلية مجرى الزائدة، فقلب الياءَ بعدها همزة، كما قلب في "رِدَاءٍ" لاجتماعهما في أنّهما ليسا من الأصل.

وأما كونها زائدة -وهو الأكثر- فهو على ثلاثة أضرب، منه ما همزته أصليّة، نحوُ: "قِثّاءٍ"، و"حِناءٍ"، و"قُرَّاءٍ" الهمزة في هذه ونحوها أصل، والألف قبلها زائدة، لقولهم: "أقْثَأتِ الأرضُ"، و"أرضٌ مَقْثَأةٌ، ومَقْثُؤَةٌ" إذا كثُر القُثاء فيها، وقولهِم: "حَنَّأْتُ يَدِي"، و"قرأتُ القُرْآن". ومنه ما همزته منقلبة، وذلك على ضربين: أحدهما أن تكون منقلبة عن حرف أصلي، فالهمزةُ في "كِساء" بدل من الواو؛ لأنّه من "الكُسْوة"، وهي في "رِداء" من الياء لقولهم: "هو حسن الردْيَةِ". والثاني: أن تكون منقلبة عن زائدة (٢)، وهو على ضربين: منصرف، وغير منصرف، فالمنصرف: ما كانت همزته للإلحاق، نحوُ: "حِرْباءٍ"، و"زِيزاءٍ"، وهذا ونحوه ملحق بـ"سِرداح"، و"شِمْلالٍ"، وأصلُ الهمزة فيه الياء. ألا ترى أنهم لما أنثوا نحوَ هذا بالهاء؛ ظهرت الياء التي هي الأصل. وغير المنصرف نحو: "حَمْراءَ"، و"صَفْراءَ"، وبابه الهمزة فيه بدل من ألف التأنيث في نحو"حُبْلَى"، و"عَطْشَى".

والمراد ههنا معرفةُ الممدود والمقصور، والفرقِ بينهما، دون أحكامهما في الإعراب. وذلك على ضربين: ضرب منه يُدرَك قياسًا، وضرب منه يدرك سَماعًا، فأما الذي يدرك قياسًا فهو ما له نظير من الصحيح يُعتبر به.

فإن كان قبل آخره ألف زائدة، كان في المعتل ممدودًا. وإن كان قبل آخره فتحةٌ. كان


= وجملة "أنت التي": بحسب الواو. وجملة "حببت": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "لم تدرِ" جملة الشرط غير الظرفي لا محل لها من الإعراب. وجملة "عنيت": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "لم أرد": معطوفة عليها. وجملة "شر النساء البحاتر": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "قصيرة" بمعنى مقصورة على الحجال.
(١) النساء: ١٠١.
(٢) أي: عن حرف زائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>