للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففي البيت مصدران:

أحدهما: "اللوم" والآخر "الذكرَى" فـ "اللوم" مضاف إلى المفعول، والمراد: لا تكثر لومَك إيّاي، و"الذكرى" مضاف إلى الفاعل، وهو الهاء، و"ليلى" المفعول في محل منصوب.

وأمّا الضرب الثالث: وهو إعمال المصدر، وفيه الألف واللام، فنحو قولك: "عجبت من الضرب زيدٌ عمرًا"، أي: من أن ضرب زيدٌ عمرًا، ولا أعلمُه جاء في التنزيل. فأمّا قوله [من المتقارب]:

ضعيفُ النِّكَايةِ أَعْداءَه (١) ... إلخ

أنشده سيبويه (٢) غُفْلًا، ولم يذكر شاعرَه، والشاهد فيه نصب "الأعداء" بـ"النكاية"، لمنع الألف واللام الإضافة كمنع التنوين، وبعضهم ينصبه بمصدر منكور منوّن محذوفٍ تقديره: ضعيفُ النكايةِ نكايةٍ أعداءه، وذلك لضعفِ إعمال المصدر، وفيه الألف واللام. يهجو رجلاً يقول: هو ضعيف عن أن يَنْكَأَ أعداءه، وجَبانٌ فلا يثبت لقِرْنه، فيلجأ إلى الفِرار، ويخاله مؤخرًا لأجله. وأمّا قول الآخر [من الطويل]:

لقدْ عَلِمَتْ أُولَى المُغِيرة أنّني ... كررتُ فلم أَنْكُلْ عن الضرب مِسْمَعا (٣)

فهو في الكتاب (٤) منسوب إلى المَرّار الأَسَدي، ورواه بعضهم في شعر مالك بن زُغبة الباهليّ، وبعده:

وإنْي لأُعدِي الخَيْلَ تَعثرُ بالقَنَا ... حفاظًا على المَوْلى الحديدِ لِيُمْنَعَا

ورواية البيت في كتاب سيبويه "لحقتُ" مكانَ "كررت"، والاحتجاج على رواية من روى "كررت"، فيكون "مسمع" منصوبًا بـ"الضرب"؛ وأمّا من روى "لحقت"، يجوز أن يكون "مسمع" منصوبًا به لا بالمصدر، فلا يكون فيه حجّةٌ.

فإن قيل: ولا يكون أيضًا في رواية من روى "كررت" حجّةٌ؛ لاحتمالِ أن يكون المراد: كررت على مسمع، فلم أنكل عن ضربه، بحذف الجارّ؛ قيل: لا يحسن ذلك؛ لأن حذف حرف الجرّ وإعمال الفعل اللازم قبله بابٌ ضرورة، وطريقُه السماع، فلا يُحمَل عليه ما وُجد عنه مندوحةٌ.


= المقدّرة على الألف. "العامرية": صفة منصوبة بالفتحة. "مولع": خبر "إن" مرفوع بالضمّة.
وجملة "لا تكثرا": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "إن أخاكما مولع": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "بذكراه ليلى" حيث أضاف "الذكرى"- وهي هنا اسم مصدر يدلّ على معنى المصدر ويعمل عمله- إلى فاعلها وهو ضمير الغيبة العائد على"الأخ"، ثم أتى بعدها بمفعول المصدر "ليلى".
(١) تقدم بالرقم ٨٨٨.
(٢) الكتاب ١/ ١٩٢.
(٣) تقدم بالرقم ٨٤٢.
(٤) الكتاب ١/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>