للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمالة. والأمثل أن تكون منقلبة عن واو, لأنّها قد أُبدلت تاءً في "كلتا"، وإبدالُ التاء من الواو، أضعافُ (١) إبدالها من الياء؛ والعملُ إنّما هو على الأكثر. وإنما أميلت لكسرة الكاف، ولأئها تنقلب ياءً، وذلك إذا أُضيفت إلى مضمر في حال النصب والجرّ، نحوَ: "ضربت الرجلَيْن كِلَيْهما"، و"مررت بهما كِلَيْهما". وإنّما قلبوها في هذه الحال تشبيهًا بـ "عَلَيْكَ"، و"إلَيْكَ"، و"لَدَيْكَ". ووجهُ الشَبَه بينهما أنّ آخِرَها ألفٌ، كأواخرِ هذه الكلم؛ وهي ملازِمةٌ للإضافة، كما أنّ تلك كذلك؛ وليس لها تصرّفُ غيرها، ممّا يُستعمل مفردًا ومضافًا، فجرت مجرى الأدَوات، نحو: "عَلَى"، و"إلَى"، والظروفِ غير المتمكّنة، نحو: "لَدَى"، فقلبوا ألفها لذلك ياءً، كما قلبوا الألف في "عليك"، و"إليك"، و"لديك"، ولم يقلبوها في الرفع ياءً، فيقولوا: "قام الرجلان كليهما"، لانّها بعُدت برفعها عن شَبَهِ "عليك"، و"إليك"، و"لديك"؛ إذ كُنَّ لا حَظَّ لهنّ في الرفع. فهذه الألفُ، وإن فُهم من اختلافها الإعرابُ، فليس الاختلافُ في الحقيقة لأجل الإعراب، بل لِمَا ذكرتُ لك.

وحالُ "كِلْتَا" كحالِ "كلا" في الإفراد والانقلاب، إلَّا أنّها مؤنّثة. قال الله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} (٢).

وقد اختلف العلماءُ في هذه التاء. فذهب سيبويه إلى أن الألف للتأنيث (٣)، والتاء بدلٌ من لام الكلمة، كما أُبدلت منها في "بِنْت"، و"أُخْت"، ووزنُها "فِعْلَى" كـ "ذِكْرى" و"حِفْرَى"، وهو نَبْتٌ.

وذهب أبو عمر الجَرْميّ إلى أن التاء للتأنيث، والألف لام الكلمة، كما كانت في "كِلا".

واَلأوْجَه الأوَّل، وذلك لأمرَيْن: أحدهما: ندرةُ البناء، وانّه ليس في الأسماء "فِعْتَلٌ". والثاني: أنّ تاء التأنيث لا تكون في الأسماء المفردة إلَّا وقبلها مفتوحٌ، نحوَ: "حَمْزَةَ"، و"طَلْحَةَ"، و"قائمةٍ"، و"قاعدةٍ"؛ و"كلتا" اسمٌ مفردٌ عندنا، وما قبل التاء فيه ساكنٌ، فلم تكن تاؤه للتأنيث، مع أن تاء التأنيث لا تكون حشوًا في كلمة؛ فلو سمّيت رجلاً بـ "كلتا"، لم تصرفه في معرفة ولا نكرةٍ، كما لو سمْيت بـ "ذِكْرَى"، و"سَكْرَى"، لأنّ الألف للتأنيث.

وقياسُ مذهب أبي عمر الجرمي أن لا تصرفه في المعرفة، وتصرفه في النكرة, لأنه كـ "قائمة"، و"قاعدة" إذا سُمّي بهما، فاعرفه.

فأما التثنية وجمع السلامة فإنهما يُعْرَبان بالحروف، وتختلف أواخرُهما بها. فأمّا التثنية فإن إعرابها بحرفَيْن؛ الألف والياء. فالألفُ للرفع، والياءُ للنصب والجر، إلَّا أنّك


(١) في الطبعتين: "أضعف"، والتصحيح عن جدول التصحيحات الملحق بطبعة ليبزغ ص ٩٠٤.
(٢) الكهف: ٣٣.
(٣) الكتاب ٤/ ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>