للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوف تقديره: "نعم الرجل هو زيد", فالأول على كلام والثاني على كلامين.

* * *

قال الشارح: اعلم أن المخصوص بالمدح أو الذمّ "عبد الله" مَثَلاً من قولك: "نعم الرجلُ عبدُ الله" مرفوع (١) وفي ارتفاعه وجهان: أحدهما أن يكون مبتدأ، وما تقدّم من قولك: "نعم الرجل" هو الخبر، وإنّما أُخّر المبتدأ، والأصل: "عبدُ الله نعم الرجلُ"، كما تقول: "مررت به المسكينُ"، تريد: "المسكينُ مررتُ به". وأمّا الراجع إلى المبتدأ، فإن "الرجل" لمّا كان شائعًا ينتظم الجنسَ، كان "عبدُ الله" داخلًا تحته، إذ كان واحدًا منه، فارتبط به. والقصدُ بالعائد ربطُ الجملة التي هي خبرٌ بالمبتدأ؛ ليعلم أنها حديثٌ عنه، فصار دخولُه تحت الجنس بمنزلة الذكر الذي يعود عليه، فأجروا الذكرَ المعنويّ مجرى الذكر اللفظيّ. ومثله قول الشاعر [من الطويل]:

١٠٤٥ - فأمّا صُدُور لا صدورَ لجَعْفَرٍ ... ولكن أعْجازًا شديدًا ضَرِيرُها (٢)

فالصدور مبتدأ، وقوله: "لا صدورَ لجعفر" جملة في موضع الخبر. ولمّا كان النفي عامًّا شمل "الصدورَ" الأوّلَ، ودخل الأوّلُ تحته، فصار لذلك بمنزلة الذكر العائد. ونحوه قول الآخر [من الطويل]:

١٠٤٦ - فأمّا القِتالُ لا قِتالَ لَدَيْكُمُ ... ولكنّ سَيْرًا في عِراض المَواكِبِ


(١) سقطت هذه الكلمة من الطبعتين.
١٠٤٥ - التخريج: البيت لرجل من ضباب في خزانة الأدب ١١/ ٣٦٤، ٣٦٥؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٠٢؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٠٦؛ وخزانة الأدب ١/ ٤٥٢، ٧/ ٥٢٥؛ وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٢٦٥؛ ولسان العرب ٤/ ٤٨٥ (ضرر).
اللغة: الصدور هنا: كبار القوم وفرسانهم. الأعجاز هنا: النساء. الضريرُ: الضرر.
المعنى: هجا الشاعر قبيلة جعفر هذه بأن رجالها لا تستطيع فعل شيء، أمّا نساؤها فشديدات الضرر.
الإعراب: "فأما": الفاء: استئنافية، "أمّا": حرف تفصيل وتوكيد. "الصدور": مبتدأ مرفوع."لا": نافية للجنس. "صدورَ": اسم "لا" مبني على الفتح في محلّ نصب. "لجعفر": جارّ ومجرور متعلّقان بخبر "لا" المحذوف. "ولكن": الواو: حرف استئناف، "لكن": حرف مشبه بالفعل. "أعجازًا": اسم "لكن" منصوب. "شديدًا": صفة لـ"أعجازًا" منصوبة. "ضريرها": فاعل للصفة المشبهة "شديدًا"، و"ها": مضاف إليه، محله الجرّ، وخبر "لكن" محذوف لدلالة السياق عليه.
وجملة "أمّا الصدور لا صدور لجعفر": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "لا صدور لجعفر": خبر للمبتدأ "الصدور" محلها الرفع. وجملة "لكن أعجازًا شديدًا ضريرها لجعفَر": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه: سيوضحه الشارح.
(٢) في الطبعتين "صريرها"، بالصاد، وهذا تحريف.
١٠٤٦ - التخريج: البيت للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص ٤٥؛ وخزانه الأدب ١/ ٤٥٢؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>