للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنقوص، في مثل "قاضٍ"؛ ومع المقصور في مثل "عَصًا"، واقتضت الحال حذف أحدهما، حذف لام الكلمة، وبقي التنوين: لأن حذف التنوين ربّما أوقع لَبْسًا, وليس كذلك حذف الواو من قوله: "فبيناه يشري رحله".

واعلم أن النصوص الواردة في هذا الباب ليس ردُّها بالسَّهْل. والمذهبُ فيه منعُ صرف المنصرف من الأسماء، إذا كان فيه علّةٌ واحدةٌ من العِلَل التسع؛ حتّى لو اجتمع معها علّةٌ أخرى، امتنع من الصرف في حال الاختيار والسعةُ. فللضرورة اعتُبر مُطْلَقُ الثِّقَل. وفي حال الاختيار اعتُبر ثقلٌ مخصوصٌ. فإذا أعتبرت النصوص الواردة في هذا الباب، كان أكثرها أعلامًا معارف، فامتنع الصرفُ للضرورة بسبب واحد من سببَيْن. فلو جاء مثل "رجل"، و"فرس" وأريد منعُه الصرفَ للضرورة، لم يجز عندي. فأمّا صاحب الكتاب فإنّه اختار منعَ جوازِ صرفِ ما ينصرف في الضرورة، وهو مذهب سيبويه، والأكثر من البصريين، وقد ذكرتُ حجّتهم في ذلك.

* * *

قال صاحب الكتاب: "وما أحد سببيه, أو أسبابه, العلمية؛ فحكمه الصرف عند التنكير, كقولك: "رُبَّ سعادٍ, وقطامٍ" لبقائه بلا سبب, أو على سبب واحد".

* * *

قال الشارح: قد ذكرنا أنّ العَلَميّة أحدُ الأسباب المانعة من الصرف، من حيث كان التعريفُ فرعًا، والتنكير أصلًا، على ما مضى. والعلميّةُ تجامع ستّةَ أسباب من موانعِ الصرف:

أحدُها: العجمة، في مثل "إبراهيم"، و"إسماعيل"، و"إسحاق"، و"يعقوب"، فهذه الأسماء لا تنصرف للتعريف والعجمة. قال الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} (١). وقال عَزَّ من قائلٍ: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} (٢) الثاني: وزنُ الفعل، نحو: "يَزِيدَ"، و "تَغْلِبَ"، و"يَشْكُرَ"، و"يَغمَرَ"، و"خَضَّمَ"، و"ضُرِبَ"، إذا سُمي به، فهذا، وما كان مثله، لا ينصرف، للتعريف ووزن الفعل. الثالث: العدلُ، في مثل: "عُمَرَ"، و"زُفَرَ"، و"حَذَامَ"، و"قَطَامَ"، عُدل من "عامِرٍ"، و"زافِرٍ"، و"حاذِمَةَ"، و"قاطِمَةَ"، أعلامًا.

الرابع: زيادةُ الألف والنون، في نحو: "عُثْمانَ"، و"ذُبْيانَ"، و"سَلْمانَ"، و"عَدْنانَ"، فهذا لا ينصرف للتعريف وزيادة الألف والنون.

الخامس: التركيب، نحو: "بَعْلَبَك"، و"مَعْدِيكَرِبَ"، و"رَامَ هُرْمُزَ"، وما كان مثلها، ممّا جُعل الاسمان فيه اسمًا واحدًا؛ فهذه الأسماءُ لا تنصرف للتعريف والتركيب.


(١) البقرة: ١٢٧.
(٢) الأنعام: ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>