للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد: ما يدافع عن أحسابهم إلَّا أنا، فـ "أنَا" ههنا في محل رفع بأنّه فاعلُ "يدافع"، لا تأكيد الضمير في الفعل. ويجوز أن تجعل "ما" زائدةً مؤكّدةً على حدّ زيادتها في قوله لْعالى: {مَثَلًا مَا بَعُوضَةً} (١) و {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} (٢)، فلا يبطل عملها، فتقول: "إنما زيدًا قائمٌ"، كما تقول: "إنّ زيدًا قائمٌ".

وأمّا المفتوحة فهي تُقدَّر تقديرَ المفردات، وهي مع ما بعدها في تأويل المصدر كما كانت "أنَّ" كذلك، فتفتحها في كلّ موضع يختصّ بالمفرد، نحوِ قوله تعالى: {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (٣)، فتفتح "أنّما" ههنا، لأنَّها في موضعِ رفعِ ما لم يسمّ فاعله. ومن ذلك قول الشاعر [من الخفيف]:

١١٠٣ - أبْلِغِ الحَارِثَ بنَ ظَالِم المُو ... عِدَ والناذِرَ النُّذورَ عَلَيَّا

أنمَا تَقْتُلُ النِّيامَ ولا تَقْتل ... يَقْظانَ ذا السِّلاحِ كَمِيَّا

لا تكون "أنَّما" ههنا أيضًا إلَّا مفتوحة؛ لأنها في موضع المفعول الثاني لـ "أبْلِغْ"، فهي في موضع المصدر؛ لأن المراد: أبْلِغه هذا القولَ.


(١) البقرة: ٢٦.
(٢) آل عمران: ١٥٩.
(٣) الكهف: ١١٠.
١١٠٣ - التخريج: البيتان لعمرو بن الإطنابة في شرح أبيات سيبويه ٢/ ١٩١، وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٤٥٣.
اللغة: الكميُّ: المقدام الشجاع.
المعنى: كان الحارث بن ظالم المري قد توَّعد الشاعر، وهدَّده بالقتل، فيطلب الشاعر ممن يسمعه أن يخبر الحارث هذا أنَّه غير قادر على قتل شجاعِ يقظ مثل الشاعر نفسه، وكل ما هناك هو أنه قادر على قتل من هو نائمٌ غدرًا كما فعل بأخي الشاعر.
الإعراب: "أبلغ": فعل أمر مبنى على السكون، وفاعله مستتر وجوبًا تقديره: "أنت" "الحارث": مفعول به. "ابن": صفة لـ "الحارث". "ظالم": مضاف إليه. "الموعِد": صفة ثانية لـ "الحارث". "والناذر": الواو: حرف عطف، "الناذر": معطوف على "الموعد". "النذور": مفعول به لـ "الناذر". "عليّا": جار ومجوور متعلّقان بـ "الناذر"، والألف للإطلاق. "أنّما": كافة، مكفوفة. "تقتل": فعل مضارع مرفوع، فاعله مستتر وجوبًا تقديره: "أنت". "النيام": مفعول به. "ولا": الواو: حرف عطف، "لا": نافية مهملة. "تقتل": مثل الأولى. "يقظان": مفعول به. "ذا": صفة لـ "يقظان" منصوب، وعلامة نصبه الألف, لأنه من الأسماء الستة. "السلاح": مضاف إليه. "كميًا": صفة ثانية لـ "يقظان"، والألف للإطلاق.
وجملة "أبلغ": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تقتل": صلة الموصول الحرفي لا محل لها. وجملة "تقتل" الثانية: معطوفة على الأولى، لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيهما: فتح همزة "أن" في "أنما" حملًا على "أبلغ"، وجريها مجرى "أنَّ" لأنَّ "ما" فيها صلة، فلا تغيرها عن الفتح عندما يجب ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>