للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتبعون إلا الظن} (١) , وقال: {إن الحكم إلا لله} (٢) , ولا يجوز إعمالها عمل "ليس" عند سيبويه, وأجازه المبرد (٣).

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ "إن" المكسورة الخفيفة قد تكون نافية، ومجراها مجرى "ما" في نفي الحال، وتدخل على الجملتَيْن: الفعلية والاسمية، نحوَ قولك: "إن زيدٌ إلَّا قائم". قال الله تعالى: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} (٤)، وتقول في الفعل: "إنْ قام زيدٌ" أي ما قام زيد، قال الله تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} (٥).

وتقول: "إن يقوم زيد". قال الله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} (٦)، وقال تعالى: {إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (٧). وكان سيبويه لا يرى فيها إلَّا رفعَ الخبر؛ لأنها حرفُ نفي دخل على الابتداء والخبر، والفعلِ والفاعل كما تدخل همزة الاستفهام، فلا تُغيِّره، وذلك كمذهب بني تميم في "ما".

وغيرُه يُعْمِلها عملَ "لَيسَ"، فيرفع بها الاسم، وينصب الخبر، كما فعل ذلك في "ما". وقد أجازه أبو العباس المبرّد، قال: لأنه لا فَضلَ بينها وبين "ما"، والمذهبُ الأول, لأن الاعتماد في عملِ "ما" على السماع، والقياسُ يأباه، ولم يُوجَد في "إن" من السماع ما وُجد في "ما".

وجملةُ الأمر أنّ "إنْ" لها أربعة مواضع: فمن ذلك الجزاءُ، نحو قولك: "إنْ تأتني آتِك"، وهي أصل الجزاء، كما أن الألف أصل الاستفهام. الثاني: أن تكون نافية على ما تقدم. الثالث: أن تكون مخففة من الثقيلة، وقد تقدم الكلام عليها. والرابع: أن تدخل زائدةً مؤكدة "ما"، فتردّها إلى المبتدأ والخبرِ، نحوَ قولك: "ما إنْ زيدٌ قائمٌ". ولا يكون الخبر إلا مرفوعًا، نحوَ قول الشاعر [من الوافر]:

فما إن طِبُّنا جُبُنٌ ولكِن ... مَنايَانا ودولةُ آخَرِينَا (٨)

فاعرفه.


(١) الأنعام: ١٤٨.
(٢) الأنعام: ٥٧؛ ويوسف: ٤٠، ٦٧.
(٣) الكتاب ٣/ ١٥٢؛ والمقتضب ٢/ ٣٦٢.
(٤) الملك:٢٠.
(٥) يس:٥٣.
(٦) الأنعام: ١٤٨.
(٧) الكهف: ٥.
(٨) تقدم بالرقم ٨٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>