للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابيه". واعلم أن هذا الاستدلال بالظاهر والغالب؛ وذلك لأنه يجوز أن يكون أعمل الأوّل، وحذف المفعول الثاني, لأنّ المفعولَ فضلةٌ يجوز أن لا يأتي به. ومثله قول الفرزدق [من الطويل]:

١٢٤ - ولكِن نِصْفًا لو سَبَبْتُ وسَبَّنِي. . . بَنُو عبدِ شَمْسِ بنِ مَنافٍ وهاشمِ

فهذا مثل قولهم: "ضربتُ وضربني قومُك"، أعمل الثاني، وهو "سبني ولو أعمل الأوّل لقال: "وسبّوني", لأن التقدير: "لو سببتُ بني عبد شمس وسبّوني".

* * *

قال صاحب الكتاب: "وقد يعمل الأول, وهو قليل. ومنه قول عمر بن أبي ربيعة [من الطويل]:

١٢٥ - [إذا هي لم تستك بعود أراكةٍ] ... تُنُخِّلَ فاستاكت به عُودُ إسحلِ


١٢٤ - التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه ٢/ ٣٠٠؛ وأساس البلاغة (نصف)؛ وتذكرة النحاة ص٣٥٤، والرد على النحاة ص ٩٧؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٩١؛ ولسان العرب ٩/ ٣٣٢ (نصف)؛ والمقتضب ٤/ ٧٤؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥/ ٢٧٩.
اللغة: نصفًا: إنصافًا وعدلًا.
المعنى: إن من العدل والإنصاف أن أتبادل السباب مع من هم أهل لي وأكفاء.
الإعراب: "ولكن": الواو: بحسب ما قبلها، "لكن": حرف مشبّه بالفعل. "نصفًا": اسم "لكن" منصوب بالفتحة. "لو": حرف شرط غير جازم. "سببت": فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. "وسبّني": الواو: للعطف، "سبّ": فعل ماضٍ على الفتح، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل في محل نصب مفعول به. "بنو": فاعل "سبّني" مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكّر السالم. "عبد": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "شمس": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "ابن": صفة "عبد" مجرورة بالكسرة. "مناف": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "وهاشم": الواو: حرف عطف، "هاشم": معطوف على "عبد شمس" مجرور مثله.
وجملة "لكن نصفًا ... ": بحسب ما قبلها. وجملة "لو سببت ... ": الشرطية مع جوابها المحذوف في محل رفع خبر "لكن". وجملة "وسبني بنو ... ": معطوفة على جملة "لو سببت". وجملة جواب الشرط غير الجازم المحذوفة المقدرة بـ "لكان نصفًا": لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "سببت وسبني بنو" حيث تنازع الفعلان (العاملان) المعمول ذاته "بنو عبد شمس"، الأول يطلبه مفعولًا، والثاني يطلبه فاعلًا، وقد أعمل الثاني، وهو جائز في الباب التنازع.
١٢٥ - التخريج: البيت لعمر بن أبي ربيعة في ملحق ديوانه ص ٤٩٨؛ والرد على النحاة ص ٩٧؛ والكتاب ١/ ٧٨؛ ولطفيل الغنويّ في ديوانه ص ٦٥؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٨٨؛ ولعمر أو لطفيل أو للمقنّع الكنديّ في المقاصد النحوية ٣/ ٣٢؛ ولعبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي أو لطفيل الغنوي في شرح شواهد الإيضاح ص ٨٩، وبلا نسبة في أمالي أبي الحاجب ١/ ٤٤٤؛ والدرر ١/ ٢٢٢؛ وشرح الأشموني ١/ ٢٠٥؛ وهمع الهوامع ١/ ٦٦.
اللغة: تستاك: تستعمل السواك لتنظيف الأسنان. الأراك: نوع من الشجر تؤخذ منه أعواد السواك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>