للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الزمان، وليست "إنْ" كذلك، بل تأتي شرطًا في الأشياء كلها، فلذلك حسُن أن يَلِيَها الاسمُ في اللفظ، ويُقدَّر له عاملٌ، وذلك نحوُ: "إنْ زيدٌ أتاني آتِهِ"، ترفع "زيدًا" بفعل مضمر يُفسِّره هذا الظاهرُ، والتقديرُ: إن أتاني زيد أتاني آته، قال النمِرُ بن تَوْلَبٍ [من الكامل]:

١٣٠ - لا تَجْزَعِي إنْ مُنْفِسًا أهْلَكْتُه ... وإذا هلكتُ فعِنْدَ ذلك فاجْزَعِي

نصب "منفسًا" بعدَ "إنْ" بإضمار فعل تقديرُه: "إن أهلكتُ منفسًا أهلكتُه". ويجوز رفعُ "منفس"، فيقال: "إنْ منفسٌ أهلكتُه"، على تقديرِ "إنْ هَلَكَ منفسٌ". ولا بدّ من تقدير فعل إمّا ناصبٍ وإمّا رافعٍ.


١٣٠ - التخريج: البيت للنمر بن تولب في ديوانه ص ٧٢؛ وتخليص الشواهد ص ٤٩٩؛ وخزانة الأدب ١/ ٣١٤، ٣٢١، ١١/ ٣٦؛ وسمط اللآلي ص ٤٦٨؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٦٠؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٧٢، ٢/ ٨٢٩؛ والكتاب ١/ ١٣٤؛ ولسان العرب ٦/ ٢٣٨ (نفس)، ١١/ ٢١١ (خلل)؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٥٣٥؛ وبلا نسبة في الأزهية ص ٢٤٨؛ والأشباه والنظائر ٢/ ١٥١؛ والجنى الداني ص ٧٢؛ وجواهر الأدب ص ٦٧؛ وخزانة الأدب ٣/ ٣٢، ٩/ ٤١، ٤٣، ٤٤؛ والردّ على النحاة ص ١١٤؛ وشرح الأشموني ١/ ١٨٨؛ وشرح ابن عقيل ص ٢٦٤؛ وشرح قطر الندى ص ١٩٥؛ ولسان العرب ٤/ ٦٠٤ (عمر)؛ ومغني اللبيب ١/ ١٦٦، ٤٠٣؛ والمقتضب ٢/ ٧٦.
اللغة: لا تجزعي: لا تخافي. المنفس: (هنا) المال الكثير. أهلكته: أنفقته. هلكتُ: متُّ.
المعنى: يخاطب الشاعر زوجته بقوله: لا تخافي على إنفاقي المال وتبذيره، فإنني ما دمت حيًا لن تحتاجي إلى شيء، وإذا متّ فعند ذلك اجزعي، لأنّك بن تجدي من بعدي مَن يؤمّن لك حاجتك.
الأعراب: "لا": ناهية جازمة. "تجزعي": فعل مضارع مجزوم بحذف النون، والياء: ضمير متصل مبنّي في محل رفع فاعل."إن": حرف شرط جازم. "منفسًا": مفعول به لفعل محذوف، منصوب بالفتحة، والتقدير: "أهلكت منفسًا"."أهلكته": فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: ضمير متّصل مبنيّ، في محل رفع فاعل، والهاء: ضمير متّصل مبنيّ في محل نصب مفعول به."وإذا": الواو: حرف استئناف، "إذا": ظرف يتضمّن معنى الشرط، خافض لشرطه متعلّق بجوابه. "هلكت": فعل ماضٍ مبنيّ على السكون، والتاء: ضمير متصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل. "فعند": الفاء: زائدة، و"عند" ظرف زمان متعلق بالفعل:"اجزعي"، وهو مضاف. "ذلك": اسم إشارة مبني في محل جر بالإضافة. واللام حرف للبعد والكاف حرف خطاب. "فاجزعي": الفاء: واقعة في جواب الشرط، "اجزعي": فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بياء المخاطبة. والياء: ضمير متصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل.
وجملة "لا تجزعي": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "إن منفسًا أهلكته فلا تجزعي"
الشرطية: استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أهلكته": تفسيرية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "إذا هلكت فلا تجزعي" الشرطية: استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "هلكت": في محل جز بالإضافة. وجملة "اجزعي": لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم.
والشاهد فيه قوله: "إن منفسًا أهلكته" حيث نصب "منفسًا" بإضمار فعل دلّ عليه ما بعده, لأن حرف الشرط يقتضي فعلًا مظهرًا أو مضمرًا. هذا علي رواية البصريين. أمّا الكوفيون فيروونه برفع "منفس" بفعل مفسّر بالمذكور، والتقدير: إنْ هَلك، أو أهْلك منفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>