قال الشارح: الفعل على ضربين: صحيحٌ ومعتلٌ، فالصحيحُ يوقَف عليه كما يوقَف على الاسم، فيسوغ فيه الإسكان والإشمامُ والرومُ والتضعيفُ, لأنّ العلّة واحدةٌ وإن كان معتلاًّ. فالوقفُ على المرفوع والمنصوب بإثبات لامه من غير حذف، وليس كالاسم. وإنّما كان كذلك من قبل أنّ الفعل لا يلحقه تنوينٌ في الوصل يوجب الحذفَ كما وُجِد في الاسم، فلذلك جرى حاله في الوقف كحاله في الوصل، فتقول في الرفع:"هو يَغْزُو يا فتى"، و"يَرْمِي يا فتى"، و"يَخْشَى يا فتى"، وفي النصب:"لَنْ يَغْزُوَ يا فتى"، و"لن يَرْمِيَ يا فتى"، و"لن يَخْشى يا فتى". فإذا وقفت، أسكنتَ، فقلت:"هو يَغْزُو"، و"هو يَرْمِي"، و"هو يَخْشى". وكذلك النصبُ، نحو:"لن يَغْزُو"، و"لن يَرْمِي"، و"لن يَخْشى".
فأمّا الوقف على المجزوم من ذلك، فلك فيه وجهان: أجودُهما أنّ تقف بالهاء، فتقول:"لم يَغْزُهْ"، و"لم يَرْمِهْ"، و"لم يَخْشَهْ"، وكذلك في الأمر المبنيّ، نحو:"اغْزُهْ"، و"ارْمِهْ"، و"اخْشَهْ"، والأصلُ:"لم يَغْزُ"، و"لم يَرْمِ"، و"لم يَخْشَ". حُذفت لاماتها للجزم، وبقيت الحركاتُ قبلها تدلّ على المحذوف، فالضمّةُ في "لم يَغْزُ" دليلٌ على الواو المحذوفة، والفتحةُ في "لم يَخْشَ" دليل على الألف المحذوفة، والكسرة في "لم يَرْمِ" دليل على الياء المحذوفة. وكذلك في الأمر المبنيّ، نحو:"اغْزُ"، و"ارْمِ"، و"اخْشَ". فإذا وُقف عليه، لزم حذفُ الحركات، إذ الوقفُ إنّما يكون بالسكون لا على حركة، فشحّوا على الحركات أنّ يُذْهِبها الوقفُ، فيذهبَ الدالُّ والمدلولُ عليه، فألحقوها هاء السكت ليقع الوقفُ عليها بالسكون، وتسلم الحركاتُ، وكذلك "ارْمِهْ"، و"اغْزُهْ"، و"اخْشَهْ".
والوجه الثاني أن تقف بلا هاء بالإسكان، فتقول:"لم يَرْمْ"، و"لم يَغْزْ"، و"لم يَخْشْ"، و"اغْزْ"، و"ارْمْ"، و"اخْشْ". ووَجْهُه أنّ الوقف عارضٌ، وإنّما الاعتبارُ بحال الوصل. قال ابن السرّاج: وهذه اللغةُ أقَلُّ اللغتَيْن. هذا إذا كان الباقي بعد الحذف حرفَيْن فصاعدًا، فأمّا إذا أدَّى إلى أن يبقى على حرف واحد، لم يكن بدٌّ من الهاء، نحو قولك في الأمر من "وَقى يَقِي": "قِهْ"، ومن "وَعى يعي": "عِهْ"، ومن "وَرى الزَّنْدُ يَرِي": "رِهْ". وذلك أنّ الفاء قد انحذفت لوقوعها بين ياء وكسرة على حدّ حَذْفها في "يَعِدُ"، و"يَزِنُ". واللامُ محذوفة للأمر، والحركةُ دليلٌ على المحذوف، فإذا وقعت عليه بالسكون، فيكون إجحافًا، فوجب أنّ تأتي بالهاء ليقع السكون عليها، وتسلم الحركةُ دليلاً على المحذوف؛ لأنّ المحذوف إذا كان منه خَلَفٌ، وعليه دليلٌ، كان كالثابت الموجودِ، مع أنّ ذلك يكاد أن يكون متعذّرًا لأنّ الابتداء بالحرف يوجب تحريكه، والوقفُ عليه يقتضي إسكانَه، والحرفُ الواحدُ يستحيل تحريكُه وإسكانُه في حال واحدة، فاعرفه.