للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه أن البلى سكّن حِدّتَه، ووَقَّرَه.

وقالوا: "تكلانٌ" وهو "فُغلانُ" من "وكلتُ، أَكِلُ". يقال: "رجل وُكَلَةٌ تُكَلَةٌ"، أي: عاجزٌ يَكِلُ أمرَه إلى غيره، فالتاء بدلٌ من الواو، ومنه الوَكيل، كأنه مَوْكولٌ إليه، الأصلُ فيهما واحدٌ.

وقالوا: تُخمَةٌ وهو داءٌ كالهَيصة، التاء فيه بدلٌ من الواو؛ لأنّه من الوَخامة والوَخَمِ, وهو الوَبأُ.

وقالوا: "تُهَمَةٌ" وهو فُعَلَةُ من "اتَّهَمْتُ" أي: ظننتُ، والتاء بدل من الواو؛ لأنّه من وَهْم القلب. وقالوا: "تَقِيَّةٌ" و"تَقْوَى"، فـ"تقيَّة" فَعِيلةُ من "وَقَيْتُ"، و"تَقْوَى" فَعْلَى منه، و"تُقاةٌ" فُعَلَةُ منه.

وقالوا: "تَترَى" وهو فَعْلَى من "المُواتَرة"، وهي المتابَعة. وقال اللَّحْيانيّ لا تكون مواترةٌ إلَّا وبينها فَترةٌ، قال الله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} (١). وفيها لغتان: التنوين وتركُه، ومن لم يصرف جعل ألفَه للتأنيث، ومن صرفه كانت الألف عنده للإلحاق.

وقالوا: "تَوْراةٌ" لأحد الكُتُب المُنزَلة، التاء فيه بدل من الواو، وأصله "وَوْراةٌ"، فَوْعَلَةُ من "وَرَى الزَّنْدُ". و"تَوْلَجٌ" هو كِناسُ الوَحْش الذي يلِج فيه، وتاؤه مبدلة من الواو، وهو فَوْعَلٌ. قال الراجز:

مُتَّخِذًا في ضَعَواتٍ تَوْلَجا (٢)

يصف ثورًا في عِضاهٍ. وقال البغداديون: "تَوْراةٌ" تَقعَلَةُ، و"تَوْلَجٌ" تَفعَلُ، والصحيح الأول, لأنّ "فَوْعلًا" أكثرُ من "تَفْعَل" في الأسماء، ولو لم يقلبوا الواو في "تَوْراة" عندنا تاء، لزم قلبُها همزة لاجتماع الواوَيْن على حدّ "أَواصِلَ" في جمع "واصِلةٍ"، ولا يلزم ذلك عندهم؛ لأنّ التاء عندهم زائدة، وليست بدلًا. وقالوا: "تُراثٌ" للمال المَوْروث. قال الله تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} (٣). قال الشاعر [من الطويل]:

١٣١٥ - فإن تَهدِمُوا بالغَدْر داري فإنها ... تُراثُ كريمٍ لا يُبالي العَواقِبا


= أمسى ... ": جملة الشرط غير الظرفي لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "أمسى البلى تيقوري": خبر (كان) محلُّها النصب.
والشاهد فيه قوله: إبدال التاء من الواو في قوله: تيقوري, لأنّه فَيْعُولٌ من الوقار، وأصله: وَيقُور.
(١) المؤمنون: ٤٤.
(٢) تقدم بالرقم ٨٣٨.
(٣) الفجر:١٩.
١٣١٥ - التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
المعنى: فإن غدرتم بي وهدمتم داري، فإن أصولي الكريمة باقية، وأنا مقدام كريم لا تهمّني النتائج. =

<<  <  ج: ص:  >  >>