للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنّما قل ذلك؛ لأنّهم كرهوا الضمّة بعد الياء، كما كرهوا بعدها الواو، ولذلك قَلَّ نحو: "يَوْم"، و"يُوح"، على ما ذكرناه.

فإن انفتح ما بعد الواو في المضارع، نحو: "وَجِلَ يَوْجَل"، و"وَحِلَ يَوحَل"، فإنّ الواو تثبت، ولا تحذف لزوالِ وصف من أوصاف العلّة، وهو الكسرُ، نحو قولك: "يُوعَد"، و"يُوزَن" ممّا لم يُسَم فاعله، قال الله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (١)، فحُذفت الواو من "يلد" لانكسار ما بعدها، وثبتت في "يولد" لأجل الفتحة.

فأمّا قولهم: "يَضَعُ" و"يَدَعُ"، فإنّما حُذفت الواو منهما؛ لأنّ الأصل "يَوْضِعُ" و"يَوْدِعُ"، لما ذكرناه من أن "فَعَلَ" من هذا إنّما يأتي مضارُعه على "يَفْعِلُ" بالكسر، وإنّما فُتح في "يضع"، و"يدع" لمكان حرف الحلق، فالفتحةُ إذًا عارضة، والعارضُ لا اعتدادَ به، لأنّه كالمعدوم، فحذفت الواو فيهما؛ لأنّ الكسرة في حكم المنطوق به، فلذلك قال: لفظًا أو تقديرًا، فاللفظ في "يَعِدُ"؛ لأنّ الكسرة منطوق بها، والتقديرُ في "يَسَعُ" و"يَضَعُ"؛ لأنّ العين مكسورة في الحكم، وإن كانت في اللفظ مفتوحة.

فأمّا "عِدَةٌ": و"زِنَةٌ" إذا أريد بهما المصدرُ، فالواو منهما محذوفة، والأصلُ: "وِعْدَةٌ"، وفي "وِزْنَةٌ". والذي أوجب حذفَها ههنا أمران: أحدهما كونُ الواو مكسورةً، والكسرةُ تُستثقل على الواو، والآخرُ كون فعله معتلاًّ، نحو: "يعد"، و"يزن"، على ما ذكرتُ، والمصدرُ يعتل باعتلال الفعل، ويصح بصحّته، ألا تراك تقول: "قُمْتُ قِيامًا"، و"لُذتُ لِياذًا"، والأصلُ "قِوامًا" و"لِواذًا"، فأعللتَهما بالقلب لاعتلال الفعل؟ ولو صحّ الفعلُ لم يعتل المصدرُ، وذلك نحو قولك: "قاوَمَ قِوامًا"، و"لاوَذ لِواذًا"، فيصحّ المصدرُ


= الإعراب: "لو": حرف امتناع لامتناع. "شاءَ": فعل ماض وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "قد نقع": "قد": حرف تحقيق، و"نقع": فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة. "الفؤاد": فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. "بشربة": جار ومجرور متعلقان بالفعل نقع. "تدع": فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل: ضمير مستتر جوازًا تقديره هي. "الحوائم": مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. "لا يجدن": لا: نافية، و"يجدن": فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، والنون: ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. "غليلًا": مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
وجملة "لو شاء قد نقع": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "شاء": جملة الشرط غير الظرفي لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "قد نقع الفؤاد": جواب شرط غير جازم لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "تدع الحوائم": في محلّ جر صفة لـ"شربة". وجملة "لا يجدن غليلًا": في محلّ نصب حال، أو مفعول ثانٍ.
والشاهد فيه قوله: "يجُدن"، بضم الجيم، على لغة بعض العرب، وهو قليل.
(١) الإخلاص: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>