للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك "كَيِّنُونَةٌ" و"قَيِّلُولَةٌ"، فخُفّف بالحذف، فصار: "كَيْنُونَةً"، و"قَيْلُولةً"، وليس ذلك بـ "فَعْلُولَةَ"؛ لأنّه كان يلزم أنّ يقولوا: "كَوْنونَةٌ"، وَ"قَوْلُولَةٌ"؛ لأنّه من ذوات الواو، مع أنّ "فَعْلُولَة" ليس من أبنيتهم إلاّ أنّ الحذف في نحو: "كَيْنُونَة" و"قَيْدُودَة" لازمٌ، لكثرة حروف الكلمة. ولمّا كان الحذف والتخفيف في مثل/ "ميت"، و"هين" جائزًا مع قلّة الحروف، كان فيما ذكرناه واجبًا لكثرة الحروف وطُولِها.

وقد استغرب البغداديون بناء "مَيْتٍ" و"هَيْنٍ"، فذهب بعضهم إلى أنّه "فَيْعَل" بفتح العين نُقل إلى "فُيْعِل"، بكسرها. وذهب الفرّاء منهم إلى أنّه "فَعِيلٌ"، والأصل: "سَوِيدٌ". وإنما أعلّوه لاعتلال فعله في "سادَ يَسُودُ"، و"ماتَ يَمُوتُ"، فأخّرت الواو، وتقدّمت الياء، فصار "سَيود"، وقُلبت الواو ياء. قالوا: ليس في الكلام "فَيعِلٌ"، وإنّ "فعِيلًا" الذي يعتل عينُه إنّما يجيء على هذا المثال، وإنّ "طويلًا" شاذّ لم يجىءْ على قياس "طالَ يَطُولُ". ولو جاء، لقالوا: "طَيِّلٌ" كـ"سَيِّدٍ". وإذا لم يكن جاريًا على فعلٍ معتلٌّ، صحّ كـ"سَوِيقٍ"، و"حَوِيل"، ونحوهما. والمذهبُ الأوّل، فإنّه قد يأتي في المعتل أبنيةٌ ليست في الصحيح، وقد تقدّم الكلامُ على ذلك.

وأمّا الثالث، فهو الحذف الذي اضطرّنا إليه الإعلالُ، فنحو: "الإقامة"، و"الاستقامة"، والأصل: "إقْوامة"، و"اسْتِقْوامة"، وكذلك "إخافةٌ" و"إبانةٌ"، فأرادوا أن يُعِلّوا المصدرَ لاعتلال فعله - وهو"أقام" و"استقام" - فنقلوا الفتحة من الواو إلى ما قبلها، ثمّ قلبوها ألفًا، وبعدها ألفُ "إفعالة"، فصار "إقامة" و"استقامة"، فدعت الضرورةُ إلى حذف إحداهما. فذهب أبو الحسن إلى أنّ المحذوف الألفُ الأولى التي هي العين، وزعم الخليل وسيبويه (١) أنّ المحذوف الثانيةُ، وهي الزائدة على ما تقدّم من مذهبهما في "مَقُول" و"مَبِيع".

وقوله: "ممّا التقى فيه ساكنان"، يريد نحو: "قُلْ"، و"قُلْتَ"، و"لم يَقُلْ"، وأضرابَ ذلك ممّا التقى فيه ساكنان.

وقوله "أو طُلب تخفيف"، يريد نحو: "هَيْنٍ"، و"لَيْنٍ".

وقوله: "أو اضطرّ إعلالٌ"، يريد "الإقامة" و"الاستقامة".


= وجملة "ليس من مات بميت": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "مات": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، وعطف عليها جملة "فاستراح". وجملة "الميت ميت الأحياء": استئنافية لا محل لها من الإعراب كذلك.
والشاهد فيه قوله: "مَيْت ومَيِّت" حيث جاءت الأولى مخففة، والثانية غير مخففة، وليستا لغتين مختلفين.
(١) الكتاب ٤/ ٨٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>