"فَعَلَ"، و"فَعِلَ"، و"فَعُلَ"، كما كان الصحيح كذلك، فما كان من ذوات الواو فإنّه يأتي على الأضرب الثلاثة:
الأوَّلُ:"فَعَلَ"، نحو:"قال يَقُول"، و"طاف يَطُوف", ولم يأت من ذلك على "يَفْعِل" بالكسر كما جاء في الصحيح، لئلّا يصير الواو ياء، فتلتبس ذواتُ الواو بذوات الياء.
الثاني: وهو "فَعِلَ" بالكسر، نحو:"خاف يَخاف"، و"راح يومُنا يَراح"، لأنّهما من "الخَوْف"، و"الرَّوْح"، ولم يأت من هذا "يَفْعِل" بالكسر إلاّ حرفان، وهما "طاح يَطِيح"، و"تاهَ يَتِيه"، فإن الخليل زعم أنّهما من قبيل "حَسِبَ يَحْسِب"، وهو من الواو لقولك:"طوّحت"، و"توّهت"، و"هو أطْوَح منه وأَتْوَه"، فظهورُ الواو يدلّ أنّهما من الواو، وإذا كانا من الواو كان ماضيه "فَعِلَ" مكسورَ العين، لقولك. "طِحْتُ" و"تِهْتُ"، بكسر فائهما، إذ لو كان ماضيه "فَعَلَ"، لقيل:"طُحْتُ"، و"تُهْتُ" بالضمّ، فلمّا لم يُقل ذلك، دلّ أنّهما من قبيلِ "خِفْتُ". وأيضًا فإن "فَعَلَ" من ذوات الواو لا يكون مضارعه إلّا "يَفْعُل" بالضمّ، فلمّا قالوا "يَطِيحُ" و"يَتِيهُ"، دلّ على ما قلناه.
وأصلُ "يَطِيحُ"، و"يَتِيهُ": "يَطْوِحُ"، و"يَتوِهُ"، فنُقلت الكسرة من الواو إلى ما قبلها، فسكنت، فكان ما قبلها مكسورًا، فانقلبت الواو ياءً. ومن قال. "طيّحتُ" و"تيّهتُ"، كانا من الياء، وكانا "فعَلَ يَفْعِل" مثلَ "بَاعَ يَبِيعُ".
وأمّا الثالث: هو "فَعُلَ"، فقد قالوا:"طال يَطُول"، وهو غيرُ متعدّ كما أنّ "قَصُرَ" كذلك، فهذا في المعتل نظيرُ "ظَرُفَ" في الصحيح، ألا ترى أتهم قالوا في الاسم منه:"طَوِيلٌ"، كما قالوا: ظَرِيفٌ.
فإن كان العين ياءً، فإنّه يجيء على ضربَيْن:"فَعَلَ"، و"فَعِلَ"، ولم يجيء منه "فَعلَ"، فالأول يكون متعدّيًا، وغير متعدّ، نحو:"باعَهُ"، و"عابَهُ"، و"عَالَ"، و"صَارَ". والذي يدل أنّه "فَعَلَ" مَجِيءُ مضارعه على "يَفعِل" بالكسر، نحو:"يَبِيع"، و"يَعِيب"، و"يَعِيل"، و"يَصِير"، فإن قيل: فهلّا قلتم: إِنّه "فَعِلَ"، ويكون من قبيل "حَسِبَ يَحْسِب"؟ قيل: إِنّ بابَ "فَعِلَ" يأتي مضارعُه على "يَفْعَل" بفتح العين. هذا هو القياس؛ وأمّا "حَسِبَ يَحْسِب" فهو قليل، والعملُ إنّما هو على الأكثر مع أنّ جميعَ ما جاء من "فَعِلَ يَفْعِل" بالكسر جاء فيه الأمران، نحو:"حَسِبَ يَحْسِب ويَحْسَب"، و"نعِمَ يَنْعِم ويَنْعَم"، و"يَئِسَ يَيئِس ويَيْأَس"، فلقا اقتُصر علي مضارع هذا على "يَفْعِل" بالكسر دون الفتح، دل أنه ليس منه.