للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: حسبتُ حالهم بعد سُوءٍ قد صلحتْ. وكَهْمَسٌ الذي ذكره: رجلٌ من بني تميم مشهورٌ بالفُروسيّة والشجاعة. والشاهدُ فيه قوله: "حَيُوا"، وبناؤه علي بناءِ "خَشُوا" و"فَنُوا"؛ لأن "حَيِيَ" إذا ضُوعفت الياء ولم تُدّغم، بمنزلةِ "خَشِيَ" و"فَنِيَ". وإذا لحقها واوُ الجمع، لحقها من الإعلال والحذفِ ما لحق "خشي" إذا كانت للجمع. ومن قال: "حَيَّ فلانٌ" فادّغم، ثم جمع، قال: "حَيُّوا"؛ لأنّ الياء إذا سكن ما قبلها في مثل هذا، جرت مجرى الصحيح، ولم يثقل عليها الضمّةُ. وعليه أنشد الأصمعىّ لْعَبِيدٍ [من مجزوء الكامل]:

عيّوا بأمرهم ... إلخ

وبعده:

وضعت له عودين من ... ضعة وآخر من ثُمامَهْ

الشاهد فيه قوله: "عيّوا"، و"عيّت"، وإجراؤهما مجرى "ظَنُّوا"، و"ظَنَّتْ" ونحوهما من الصحيح، ولذلك سلِم من الاعتلال والحذفِ لِما لحقه من الادّغام. وصف قومًا يخرقون في أمورهم ويعجزون عن القيام بها، وضرب لهم المثلَ في ذلك بُخْرق الحمامة وتَفْرِيطِها في التمهيد لبَيْضها؛ لأنّها لا تتّخدْ عُشَّها إلا من كُسار الأعواد، وربّما طارت


= (حيا)؛ ولمودود أو لأبي حزابة في لسان العرب ٦/ ١٩٩ (كهمس)؛ وبلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب ٣/ ١١٦؛ ولسان العرب ١٥/ ١١٤ (عيا)؛ والمقتضب ١/ ١٨٢؛ والممتع في التصريف ٢/ ٥٧٩؛ والمنصف ٢/ ١٩٠.
اللغة: الكَهمَسُ: القصير، واسم لأبي حَيّ من العرب، وكهمس المذكور في هذا البيت هو كَهْمس بن طَلْق الصريمي، وكان من جملة الخوارج مع بلال بن مرداس.
المعنى: كنت أحْسَبُ هؤلاء الناس فرسانّا أقوياء كفَوارس ابن كهمس.
الإعراب: "وكنا": الواو: بحسب ما قبلها، "كنا": فعل ماض ناقص، ونا: اسمه. "حَسِبْناهم": فعل ماضٍ مبني على السكون، ونا: فاعل، وهم: مفعول به. "فوارس": مفعول ثانٍ لـ "حَسِبَ". "كَهْمس": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "حيُوا": فعل ماضٍ مبني على الضم، والواو: ضمير الجماعة فاعل، والألف: فارق. "بَعْدَ": مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة، ومتعلق بالفعل (حَيُوا)."ما": حرف مصدري، والمصدر المؤول من "ما" والفعل (ماتوا) في محل جر بالإضافة. "ماتوا": مثل "حَيُوا". "من الدهر": جار ومجرور متعلقان بحال من "أعْصُرًا". "أعْصُرًا": مفعول فيه ظرف زمان متعلق بـ"ماتوا" منصوب بالفتحة.
وجملة "كنا حَسِبْنا" بحسب الواو وجملة "حَسِبْنا": خبر "كان" محلها النصب. وجملة "حَيُوا": حال من (فوارس) محلُّها النصب. وجملة "ماتوا": صلة الموصول الحرفى لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "حَيُوا" حيث بناه علي بناء "خشُوا" لأنها جاءت على غير لغة الإدغام، فلحقها من الاعتلال والحذف عند الإسناد ما لحق "خشي" عند إسنادها لواو الجماعة، ومن أدْغم "حَيَّ" سلمت ياؤه عند الإسناد، وقيل: حَيُّوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>