للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاري عليه "التَّكْسِيرُ" و"تَبَتلَ" تَفَعَّلَ مثل "تكسّر" و"تجرّع". ومصدره إنّما هو"التبَتُّلُ" مثل "التجرُّع"، فجرى "التبتيلُ" على "تَبَتَلَ" وليس له في الحقيقة؛ لأن معناهما يؤول إلى شيء واحد، ومنه قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} (١)، فـ"نباتٌ" في الحقيقة مصدر "نَبَت"، وقد جرى على "أَنْبَتَ"، وفي قراءة ابن مَسْعُود {وأنْزَلَ تَنْزِيلًا} (٢) إذ معنى "أَنْزَلَ" و"نَزَّلَ" واحدٌ، ومنه بيت الكتاب [من الوافر]:

١٥٣ - وخَيْرُ الأَمْرِ ما استقبلتَ منه ... وليس بأنْ تَتَبَّعَهُ اتِّباعًا

فإنه أكد قوله: "تتّبعه" بقوله: "اتّباعًا". و"اتِّباعٌ" افتعالٌ، وهو في الحقيقة مصدر. وقياسه أن يقول: "تَتَبُّعًا"، ولكن لمّا كان معنى "تَتَبّعَ"، و"اتَّبَعَ" واحدًا، أكَّدَ كلَّ واحد منهما بمصدر صاحبه، وقال رُؤْبَة [من الرجز]:

١٥٤ - وقد تَطَوَّيْتُ انْطِوَاءَ الحِضْبِ


(١) نوح:١٧.
(٢) الاسراء: ١٠٦.
١٥٣ - التخريج: البيت للقطامي في ديوانه ص ٣٥؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٣٣٢؛ والشعر والشعراء ٢/ ٧٢٨؛ ولسان العرب ٨/ ٢٧ (تبع)؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٦٣٠؛ والأشباه والنظائر ١/ ٢٤٥؛ وجمهرة الأمثال ١/ ٤١٩؛ والمقتضب ٣/ ٢٠٥.
اللغة: واضحة.
المعنى: خير الأمور ما فَكَّرت فيه قبل فعله، فلم تفعله إلا بعد إحكام الرأي، فإنْ فعلت أمرًا من غير تأمل لم يمكنك أن تتلافى ما فرطت فيه.
الإعراب: "وخيرُ": الواو: بحسب ما قبلها "خير": مبتدأ مرفوع بالضمة. "الأمر": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "ما": اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل رفع خبر. "استقبلْتَ": فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. "منه": جار ومجرور متعلقان بحال من المفعول به المقدَّر لـ"استقبلْتَ" والتقدير: ما استقبلته كائنًا منه، والأمر هنا بمعنى الأمور. "وليس": الواو: حرف عطف، "ليس": فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح، واسم "ليس" مستتر جوازًا تقديره "هو". "بأن": الباء: حرف جر زائد، "أن": حرف ناصبٌ ومصدريّ. "تَتَبعه": فعل مضارع منصوب بـ"أن" وعلامة نصبه الفتحة، والفاعل مستتر وجوبًا تقديره: أنت، والهاء مفعول به في محل نصب. "اتباعًا": مفعول مطلق منصوب بالفتحة، والمصدر المؤول من "أنْ" والفعل "تتبع" مجرور لفظًا منصوب محلًا على أنه خبر "ليس".
وجملة "خيرُ الأمر ما استقبلت": بحسب الواو. وجملة "استقبلت": صلة الموصول الاسمي لا محل لها. وجملة "ليس بأنْ تتبعه": معطوفة على جملة "استقبلت". وجملة "تتبعه" صلة الموصول الحرفي لا محل لها.
والشاهد فيه: وقوع "اتباع" مصدرًا لـ"تَتَبعَ" لأن المعنى واحد.
١٥٤ - التخريج: الرجز لرؤبة في ديوانه ص ١٦؛ والدرر ٣/ ٥٩؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٢٩١؛ ولسان=

<<  <  ج: ص:  >  >>