للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُكْرانًا". ومعناه التنْزِيهُ والبَراءةُ، وقد استُعمل مضافًا، وغيرَ مضاف، وإذا لم يُضَف، تُرك صرفُه، فقيل: "سبحانَ من زيدٍ"، كأنّه جُعل عَلَمًا على معنَى البراءة، وفيه الألِف والنونُ زائدتان، نحو قول الأعشى [من السريع]:

أقولُ لمّا جاءني فَخْرُه ... سُبْحانَ من عَلْقَمَةَ الفاخِرِ (١)

وهو مثلُ "عُثْمانَ" في منعِ الصرف للعَلَميّة وزيادةِ الألف والنون، فأمّا "سَبَّحَ يُسبِّح" فهو فعلٌ ورد على "سبحان" بعد أن ذُكر وعُرف معناه، فاشتقّوا منه فعلًا. قالوا: "سَبَّحَ زيدٌ أي: قال: "سبحانَ اللهِ كما تقول: "بَسْمَلَ" إذا قال: "بسم الله"، وقد يجيء "سبحان" منوَّنًا في الشعر. قال الشاعر [من البسيط]:

سُبْحَانَهُ ثُمَّ سُبْحانًا نَعُوذُ به ... وقَبْلَنَا سَبَّحَ الجُودِيُّ والجُمُدُ (٢)

وفي تنوينه وجهان:

أحدُهما: أن يكون نكرةً.

والثاني: أن يكون معرفةً إلَّا أنّه نوّنه ضرورةً، ويُروى: "نَعُودُ به" بالدال غيرِ المعجمة، أي: نُعاوِده مرّةً بعد مرّة.

وقالوا: "مَعاذَ الله"، و"عِياذَ الله" وكِلاهما منصوبٌ على المصدر. تقول: "أعُوذُ بالله" أي: ألْجَأُ إلى الله عَوْذًا وعِياذًا، فهذان مصدران متصرِّفان، تقول: العَوْذُ بالله، والعِياذُ بالله، وأمّا "مَعاذَ الله" فلا يكون إلَّا منصوبًا، ولا يدخله الألفُ واللامُ، ولا الرفعُ والجرُّ.

وأمّا قولهم: "عَمْرَكَ الله" فهو مصدرٌ لم يُستعمل إلَّا في معنى القَسَم، ونصبُه على تقدير فعلٍ، وفي تقديرِ ذلك الفعل وجهان: منهم من يُقدِّر: أسْألُك بعَمْرِك الله، وبتَعْمِيرِك الله، أي: وَصْفِك الله بالبَقاء والعَمْرِ. والعَمْرُ: البقاءُ. تقول: "بعَمْرِ الله". كأنّك تحلِف ببقاء الله. قال [من الوافر]:

١٦٩ - إذا رَضِيَتْ عَلَىَّ بنو قِشَيْرٍ ... بعَمْرِاللهِ أعْجَبَني رِضاها


(١) تقدم بالرقم ٦٧.
(٢) تقدّم بالرقم ٦٨.
١٦٩ - التخريج: البيت للقحيف العقيلي في أدب الكاتب ص ٥٠٧؛ والأزهية ص ٢٧٧؛ وخزانة الأدب ١٠/ ١٣٢، ١٣٣؛ والدرر ٤/ ١٣٥؛ وشرح التصريح ٢/ ١٤؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤١٦؛ ولسان العرب ١٤/ ٣٢٣ (رضي)؛ والمقاصد النحويَّة ٣/ ٢٨٢؛ ونوادر أبي زيد ص ١٧٦؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ١١٨؛ والإنصاف ٢/ ٦٣٠؛ وجمهرة اللغة ص ١٣١٤؛ والجنى الداني ص ٤٧٧؛ والخصائص ٢/ ٣١١، ٣٨٩؛ ورصف المباني ص ٣٧٢؛ وشرح الأشموني ٢/ ٢٩٤؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٥٤؛ وشرح ابن عقيل ص ٣٦٥؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٤٤ (يا)؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>