يقتضيه، فلم يَبْقَ إلَّا أن يكون ضميرَ المصدر. واعلمْ أنّك إذا أتيتَ بضميرِ المصدر، نحوَ "عبدُ الله ظننتُه منطلقٌ"، قبُح إلغاءُ الفعل، لأنّ الإتيان بضميرِ المصدر كالإتيان به إذ كان كِناية عنه، والمصدرُ مؤكِّدٌ للفعل، وقبُح إلغاؤه بعد تأكيده. وأقبحُ من ذلك أن تُصرّح بالمصدر، ثمّ تُلْغِيه، نحوَ:"عبدُ الله ظننتُ ظنًّا منطلقٌ"، لأنّ التصريح بالمصدر كتكريرِ الفعل، فلذلك كان أقبحَ، ولو قلت:"ظننتُه عبدَ الله منطلقًا" لم يجز الإلغاءُ ألبتةَ، لأنّك إذا قدّمتَ الفعلَ على مفعولَيْه، لم يجز الإلغاءُ، فإذا أُكّد بالمصدر مع ذلك، كان إلغاؤه أجدرَ بالامتناع.
قال: وما جاء في الدعوة المرفوعة "وَاجْعَلْهُ الوارِثَ منّا"، يجوز أن تكون الهاءُ عائدة إلى ما تقدَّم، لأنّ من جملةِ الدعاء "وأمْتِعْنَا اللَّهُمَّ بأسماعِنا، وأبصارِنا ما أحْيَيْتَنَا"، فيجوز أن تكون الهاءُ عائدةَ إلى المذكور، كأنّه قال: واجعلِ الإمتاعَ الوارِثَ منّا، قال: ويُمْكِن أن يُوَجَّه على إضمارِ المصدر، كأنّه قال: واجعلِ الوارثَ منّا، أي: أعْضاءَنا، إشارةً إلى السَّمْع والبَصَرِ جَعْلاَ، ثمّ كَنَى عن الجَعْل.