للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولهم: "أنا أفعل كذا أيّها الرجل"، و"نحن نفعل كذا أيّتها العصابة"، فـ "أيُّ" وصفتُها مرفوعٌ بالابتداء، وخبرُه محذوفٌ، أو خبرٌ محذوفُ المبتدأ. فإذا كان مبتدأ، فكأنّه قال: الرجلُ المذكور أو العصابةُ المذكورة مَن أُريد. وإذا كان خبرًا، فكأنّه قال: من أُريد الرجلُ المذكور أو العصابةُ المذكورة، إذ لا يقدَّر فيها حرفُ النداء، بل هي جملةٌ في موضع الحال, لأنّ الكلام قبلها تامٌّ. ولذلك مثَّلهَا صاحبُ الكتاب بقوله: "أنا أفعل كذا متخصِّصًا من بين الرجال" و"نحن نفعل متخصِّصين من بين الأقوام". وذكرُ "أيّ" هنا وصفتِه توضيحًا وتأكيدًا إذ الاختصاص حاصلٌ من "أنا"، و"نحن"، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: وممّا يجرى هذا المجرى قولُهم: "إنَا مَعشرَ العرب نفعل كذا"، و"نحن آلَ فلان كُرَماءُ"، و"إنَا معشرَ الصَّعالِيكِ لا قوَّةَ بنا على المُرُوّة"، إلّا أنّهم سوّغوا دخولَ اللام ههنا، فقالوا: "نحن العربَ أقَرَى الناس للضيف"، و"بك اللهَ نرجو الفَضْلَ"، و"سُبْحانَك الله العظيمَ". ومنه قولهم: "الحَمْدُ لله الحميدَ"، و"المُلْكُ لله أهلَ المُلْك"، و"أتاني زيدٌ الفاسقَ الخبيثَ"، وقُرىء {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} (١)، و"مررتُ به المِسْكِينَ والبائسَ"، وقد جاء نكرة في قول الهُذَليّ [من المتقارب]:

٢٢٥ - وَيأْوِي إلى نِسْوةٍ عُطَّلٍ ... وشُعْثا مَراصيعَ مِثْلَ السَّعالِي


(١) اللهب: ٤. وقراءة النصب هي المثبتة في القرآن الكريم. وقرأ حمزة والكِسائي وأبو عمرو وابن عامر وابن كثير ونافع وغيرهم بالرفع.
انظر: البحر المحيط ٨/ ٥٢٦؛ وتفسير الطبري ٣٠/ ٢١٩؛ وتفسير الرازى ٣٢/ ١٧١؛ والنشر في القراءات العشر ٢/ ٤٠٤؛ ومعجم القراءات القرآنية ٨/ ٢٦٧.
٢٢٥ - التخريج: البيت لأميّة بن أبي عائذ الهذلي في خزانة الأدب ٢/ ٤٢، ٤٣٢، ٥/ ٤٠؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٤٦؛ وشرح أشعار الهذليين ٢/ ٥٠٧؛ وشرح التصريح ٢/ ١١٧؛ والكتاب ١/ ٣٩٩، ٢/ ٦٦؛ ولأبي أميّة في المقاصد النحوية ٤/ ٦٣؛ وبلا نسبة في أمالى ابن الحاجب ١/ ٣٢٢؛ وأوضح المسالك ٣/ ٣١٧؛ ورصف المباني ص ٤١٦؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤٠٠؛ والمقرب ١/ ٢٢٥.
اللغة: يأوي: ينزل، يلجأ. العطّل: ج العاطل، وهي من النساء من لا حلى عليها. الشعث: ج الأشعث مؤنثها الشعثاء، وهي المرأة السيئة الحال، والمتلبّدة الشعر لعدم اعتنائها به. السعالي: ج السعلاة، وهي أنثى الغول.
المعنى: إنه يأوي إلى نسوة مهملات، سيّئات الحال، متلبّدات الشعر، يرضعن أطفالاً لهن، ويشبهن السعالى لقبح منظرهنّ.
الإعراب: "ويأوي": الواو: بحسب ما قبلها، و"يأوي": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "إلى نسوة": جار ومجرور متعلّقان بـ "يأوي". "عطّل": نعت "نسوة" مجرور. "وشعثًا": الواو: حرف عطف، "شعثًا": مفعول به لفعل محذوف تقديره: "أذكرهنّ" مثلاً.=

<<  <  ج: ص:  >  >>