للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصب "ذا جلال" بفعل محذوف دلّ عليه "هبنه" فكأنّه قال: "فلا هِبنَ ذا جلال هبنه".

* * *

قال صاحب الكتاب: "وأن تقع في الأمر والنهي, كقولك: "زيداً أضربه"، و"خالداً أضرب أباه"، و"بشراً لا تشتم أخاه"، و"زيداً ليضربه عمرٌو، و"بشراً ليقتل أباه عمرٌو". ومثله: "أما زيداً فاقتله، وأما خالداً فلا تشتم أباه".

* * *

قال الشارح: ومن ذلك إذا كان بعد الاسم فعلُ أمرٍ، أو نهي واقعٌ على ضميره، أو ما اتّصل بضميره، فإنّه مختارٌ فيه النصبُ، نحو قولك: "زيدًا اضربه"، و"خالدًا اضربْ أباه"، و"زيدًا ليضربْه عمرٌو"، و"بشرًا ليضربْ أخاه جعفرٌ"، و"زيدًا لا تشْتمْه"، و"خالدًا لا تضرب أباه". النصبُ في ذلك كلّه الوجهُ المختارُ، والرفع جائزٌ، وإنّما كان النصبُ مختارًا لأجلِ الأمر والنهي، إذ الأمرُ والنهيُ لا يكونان إلّا بالأفعال، لأنّك إنّما تأمره بإيقاع فعل وتَنْهاه عن إيقاعِ فعل. وذلك أنّك حين تأمره فأنت تطلب منه إيقاعَ ما ليس بموجودٍ، وإذا نَهَيْتَه، فأنت تمنَعه من الإتيان به.

فأمّا الذوات، فإنّها موجودةٌ ثابتةٌ لا يصحّ الأمرُ بها، ولا النهيُ عنها. وإذا كان


= سيبويه ١/ ٨١؛ ولسان العرب ٥/ ٧٤ (قدر)؛ وبلا نسبة في الرد على النحاة ص ١١٣.
اللغة: ذو جلال: صاحب خطر، عظيم سيد. ذو ضياع: المهمل المهان.
المعنى: إن النوائب لا تترك الفقير اشفاقًا على فقره وهوانه، ولا تترك الغني خوفًا من سطوته وخطره.
الإعراب: "فلا": الفاء: استئنافية، لا: حرف نفي. "ذا": مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة لفعل محذوف تقديره: فلا تتقي ذا، فلا تهاب ذا. "جلال": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "هبنه": فعل ماضٍ مبني على السكون، ونون النسوة: ضمير متصل في محلّ رفع فاعل، والهاء: ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به. "لجلاله": جار ومجرور متعلقان بـ "هبنه"، والهاء: ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. "ولا": الواو: للعطف، لا: زائدة لتوكيد النفي. "ذا": مفعول به منصوب بالألف لأنّه من الأسماء الستّة، للفعل "يتركن". "ضياع": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "هن": ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. "يتركن": فعل مضارع مبني على السكون، ونون النسوة: ضمير متصل في محل رفع فاعل. "للفقر": جار ومجرور متعلقان بـ "يترك".
وجملة "فلا تتقي ذا": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "هبنه": في محلّ نصب صفة لـ "ذا جلال". وجملة "ولا هنّ يتركن": معطوفة على جملة "فلا تتقي": لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "يتركن": في محلّ رفع خبر "هنّ".
والشاهد فيه قوله: "فلا ذا جلال" حيث نصب "ذا" بإضمار فعل مفسَّر بما بعده (فلا هبن ذا جلال، ولا تركن ذا ضياع).

<<  <  ج: ص:  >  >>