للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحارثُ بن هِشام [من الكامل]:

٢٧٣ - فصددتُ عنهم والأحِبَّةُ فيهمِ ... طَمَعًا لَهُمْ بعِقابِ يَوْمٍ مُفْسِدِ

وممّا جاء فيه معرفةً قولُه تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} (١)، فقوله: {حَذَرَ الْمَوْتِ} منصوبٌ لأنّه مفعولٌ له، وهو معرفةٌ بالإضافة. ومثلُه قولُ حاتم [من الطويل]:

٢٧٤ - وأغْفِرُ عَوْراءَ الكريمِ ادِّخارَهُ ... وأُعْرِضُ عن شَتْمِ اللَئِيمِ تَكَرُّمَا

فأتى بالمعرفة والنكرةِ في بيت واحد.


٢٧٣ - التخريج: البيت للحارث بن هشام في شرح أبيات سيبويه ١/ ٤٦.
المعنى: يعتذر الشاعر من فراره يوم قُتل أبو جهل أخوه ببدر، يقول: لم أفرَّ جبنًا ولم أصفح عن أعدائي خورًا وضعفًا، ولكن طمعًا في أن أُعد لهم، وأعاقبهم بيوم أوقع بهم فيه، فتفسد أحوالهم.
الإعراب: "فصددتُ": الفاء: حسب ما قبلها، "صددت": فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: فاعل محله الرفع. "عنهم": جار ومجرور متعلقان بـ (صددت). "والأحبة": الواو: حالية، "الأحبة" مبتدأ مرفوع بالضمة. "فيهم": جار ومجرور متعلقان بالخبر. "طمعًا": مفعول لأجله منصوب بالفتحة. "لهم": جار ومجرور متعلقان بـ "طمعًا". "بعقاب": جار ومجرور متعلقان بـ (طمع). "يَوم": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "مُفسد": صفة لـ "يوم" مجرورة بالكسرة.
وجملة "صددتُ": بحسب ما قبل الفاء. وجملة "الأحبة فيهم": حالية محلها النصب.
والشاهد فيه: مجيء المفعول لأجله "طمعًا" نكرة.
(١) البقرة: ١٩.
٢٧٤ - التخريج: البيت لحاتم الطائي في ديوانه ص ٢٢٤؛ وخزانة الأدب ٣/ ١٢٣، ١٢٤؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٥٢؛ والكتاب ١/ ٣٦٨؛ ولسان العرب ٤/ ٦١٥ (عور)؛ واللمع ص ١٤١؛ والمقاصد النحويَّة ٣/ ٧٥؛ ونوادر أبي زيد ص ١١٠؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٨٧؛ وخزانة الأدب ٣/ ١١٥؛ والكتاب ٣/ ١٢٦؛ ولسان العرب ٧/ ٢٤ (خصص)؛ والمقتضب ٢/ ٣٤٨.
اللغة: العوراء: الكلمة القبيحة. الادّخار: جعل الشيء ذخيرة. أعرض: ابتعد.
المعنى: يقول إذا جهل عليّ الكريم غفرت له، واحتملته، وإذا شتمني اللئيم ابتعدت عن شتمه إكرامًا لنفسي.
الإعراب: "وأغفر": الواو بحسب ما قبلها، "أغفر": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "أنا". "عوراء": مفعول به، وهو مضاف. "الكريم": مضاف إليه. "ادّخاره": مفعول لأجله، وهو مضاف، والهاء ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. "وأعرض": الواو حرف عطف، "أعرض": فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "أنا". "عن شتم": جار ومجرور متعلقان بـ "أعرض"، وهو مضاف. "اللئيم": مضاف إليه. "تكرّمًا": مفعول لأجله.
وجملة "أغفر": بحسب ما قبلها. وجملة "أعرض": معطوفة على سابقتها. والشاهد فيه قوله: "ادّخاره" حيث وقع مفعولاً لأجله مع كونه معرَّفًا بالإضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>