للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمسِ درهمًا"، فلأن لا يعمل فيما لا يتعلّق بحرف الجرّ ممّا شأنُه المفعولُ به أولى، فأمّا قولُ الفَرَزْدَق [من الطويل]:

٢٧٨ - فقالت لَنَا: أَهْلًا وسَهْلًا، وزَوَّدَتْ ... جَنَى النَّحْلِ أو ما زَوَّدَتْ منه أَطْيَبُ

فضرورةً، وإذا كان كذا، لم يعمل "أطيب" في "بسرًا" لتقدُّمه عليه، وإذا لم يجز أن يكون العاملُ "أفْعَلَ" كان إمّا هذا، وإمّا المضمر، فإن أعملتَ فيه المضمرَ الذي هو "إذ كَانَ"، لَزم أن يكون العاملُ في "إذ" المضمرةِ "هَذَا"، أو ما فيه معنى الفعل غيره. فإذا كان العاملُ كذلك، ولم يكن بدٌّ من إعمال عاملٍ في الظرف، أعملتَ "هذا" في نفس الحال، واستغنيتَ عن إعمال ذلك المضمر، وإذا كان ذلك كذلك، كان ما قال الناسُ أنّه منصوبٌ على إضمار إذ كان على إرادتهم معنى هذا الكلام، لا حقيقة لفظه، وأمّا قولهم: "تَمْرًا"، فالعاملُ فيه "أطيب"، ولا يمتنِع أن يعمل فيه وإن لم يعمل في "بسرًا"؛ لأنّ ما تأخّرَ عنه لا يمتنع أن يعمل فيه كما عمِل في الظرف في قول أوْسٍ [من الطويل]:

٢٧٩ - فإنَّا وَجَدْنَا العِرْضَ أَحْوَجَ ساعةً ... إلى الصَّوْن من رَيْطٍ مُلاءٍ مُسَهَّمِ


٢٧٨ - التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه ص ٣٢ (طبعة الصاوي)؛ وخزانة الأدب ٨/ ٢٦٩؛ والدرر ٥/ ٢٩٦؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٣؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٨/ ٢٩٤، ٢٩٥؛ وتذكرة النحاة ص ٤٧؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٧٦٦؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٠٤.
الإعراب: "فقالت": الفاء بحسب ما قبلها، "قالت": فعل ماضٍ، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هي". "لنا": جار ومجرور متعلّقان بـ "قالت". "أهلًا": مفعول به لفعل محذوف تقديره: "أتيتم". "وسهلًا": الواو حرف عطف، "سهلًا": مفعول به لفعل محذوف تقديره: "نزلتم". "وزوّدت": الواو حرف عطف، "زوّدت": فعل ماضٍ، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هي". "جنى": مفعول به منصوب، وهو مضاف. "النحل": مضاف إليه مجرور. "أو": حرف عطف. "ما": اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ. "زوّدت": فعل ماضٍ، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هي". "منه": جار ومجرور متعلّقان بـ "أطيب". "أطيب": خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة "قالت": بحسب ما قبلها. وجملة "أتيتم أهلًا" في محلّ نصب مفعول به. وجملة "نزلتم سهلًا" معطوفة على سابقتها. وجملة: "زوّدت" الأولى معطوفة على "قالت". وجملة "زوّدت" الثانية صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب. وجملة: "ما زودت أطيب" معطوفة.
والشاهد فيه قوله: "منه أطيب" حيث قدّم الجار والمجرور "منه" على أفعل التفضيل المتعلّق به، وهذا شاذ لأنّ المجرور ليس اسم استفهام ولا مضافًا إلى اسم استفهام.
٢٧٩ - التخريج: البيت لأوس بن حجر في ديوانه ص ١٢١؛ وخزانة الأدب ٨/ ٢٦٣، ٢٦٤؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٦٧، ٣٥٣؛ ولسان العرب ١٢/ ٣٠٨ (سهم)، ١٣/ ٢٥٠ (صون)؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ١١٣؛ وخزانة الأدب ٨/ ٢٥٦.
اللغة: العرض: الشرف. الصون: المحافظة. الريط: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، وقيل: الثوب =

<<  <  ج: ص:  >  >>