فالمعنوية ما أفاد تعريفاً ,كقولك:"دار عمرو"، أو تخصيصاً ,كقولك:"غلام رجل". ولا تخلو في الأمر العام من أن تكون بمعنى اللام ,كقولك:"مال زيد" و"أرضه", و"أبوه" و"ابنه" و"سيده" و"عبده"، أو بمعنى "من" ,كقولك:"خاتم فضة", و"سوار ذهب" و"باب ساج"".
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ إضافة الاسم إلى الاسم إيصالُه إليه من غيرِ فَصْل، وجَعْلُ الثاني من تَمامِ الأوّل يتنزّل منه منزلةَ التنوين. وهذه الإضافةُ على ضربَيْن: إضافةُ لفظٍ ومعنًى، وإضافةُ لفظٍ فقط. فالإضافة اللفظيّة ستُذكَر بعدُ، وأمّا الإضافة المعنويّة؛ فأنْ تجمع في الاسم مع الإضافة اللفظيّةِ إضافةً معنويّةً. وذلك بأن يكون ثمَّ حرفُ إضافة مقدَّرٌ يوصِل معنى ما قبله إلى ما بعده. وهذه الإضافةُ هي التي تُفيد التعريفَ والتخصيص، وتُسمّى المَحْضَةَ، أي: الخالصةَ بكونِ المعنى فيها موافِقًا للّفظ. وإذا أضفتَه إلى معرفةٍ، تَعرَّف، وذلك نحو قولك: "غلامُ زيدٍ"، فـ "غلامٌ" نكرةٌ، ولمّا أضفتَه إلى "زيد" اكتسب منه تعريفًا، وصار معرفةً بالإضافة. وإذا أضفتَه إلى نكرةٍ، اكتسب تخصيصًا، وخرج بالإضافة عن إطلاقه, لأنّ "غلامًا" يكون أَعَمَّ من "غلامِ رجل"، ألا ترى أنّ كلَّ غلامِ رجل غلامٌ، وليس كلُّ غلامٍ غلامَ رجل؟
وهذه الإضافة المعنويّةُ تكون على معنى أحدِ حرفَيْن من حروف الجرّ، وهما اللامُ، و"مِنْ". فإذا كانت الإضافةُ بمعنى اللام، كان معناها المِلْكَ والاختصاصَ، وذلك قولُك: "مالُ زيدٍ"، و"أرضُه". أي: مالٌ له، وأرضٌ له، أي: يملِكُها، و"أَبُوه"، و"ابْنُه"، و"سَيَّدُه" والمراد: أبٌ له، وابنٌ له، وسيّدٌ له، أي: كلُّ واحد مستحقٌّ مختصٌّ بذلك، والغالبُ الاختصاص, لأنّ كل مِلْك اختصاصٌ، وإذا كانت الإضافة بمعنى "مِنْ"، كان معناها بيانَ النوع، نحو قولك: "هذا ثوبُ خَزّ، وخاتَمُ حديدٍ، وسِوارُ ذهبٍ"، أي: ثوبٌ من خزّ، وخاتمٌ من حديد، وسوارٌ من ذهب, لأنّ الخاتم قد يكون من الحديد وغيره، والثوب يكون من الخزّ وغيره، والسوار يكون من الذهب وغيره، فبيّن نوعَه بقوله: "من خزّ"، و"من حديد"، و"من ذهب".
والذي يُفصَل به بين هذا الضرب والذي قبلَه، أنّ المضاف إليه ها هنا كالجنس للمضاف، يصدُق عليه اسمُه. ألا ترى أنّ الباب من الساج ساجٌ، والثوبَ من الخزّ خزٌّ، كما أنّ الإنسان من الحَيَوان حيوانٌ، وليس غلامُ زيد بزيدٍ؟ فعلى هذا، إذا قلت: "عينُ زيد"، و"يَدُ عمرو"؛ كان مقدَّرًا باللام، والمعنى: عينٌ له، ويَدٌ له؛ لأنّه وإن كان الأوّل بعضًا للثاني؛ فإنّه لا يقع عليه اسمُ الثاني. فعينُ زيد ليست زيدًا، ويَدُ عمرو ليست عمرًا، فاعْرِفِ الفرقَ بينهما.
وقوله: "في الأمر العامّ"، يريد أنّ الغالب في الإضافة الحقيقيّة ما قدّمناه. وربّما