للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"ذو" في قولهم: "اذهب بذِي تَسلَمُ"، و"اذهبَا بذِي تَسلَمان"، و"اذهَبُوا بذِي تسلمونَ" أي: بذِي سَلامتِك، والمعنى: بالأمر الذي يُسلِّمك.

* * *

قال الشارح: قد أضيف إلى الفعل غيرُ الزمان ممّا هو جارٍ مجراه، ومُشْبِة له. قالوا: "أتيتَني بآيَةِ قام زيدٌ"، فأضافوا "آيَة" إلى الجملة من الفعل والفاعل؛ لأنها بمنزلةِ الوقت. وذلك أن "الآية" العلامةُ، والأوقاتُ علاماتٌ لمعْرفة الحوادث، وترتيبِها في كونها ما يتقدم منها وما يتأخر، وما يقترِن وجودُه بوجودِ غيره، والمِقدار الذي بين وجودِ المتقدّم منها والمتأخرِ، فصار ذكرُ الوفت عَلَمًا له. ألا ترى أثها تكون علامات لحلولِ الدُيون وغيرِها؟ فصح إضافةُ "الآية" إلى الفعل كما تُضيف الوقتَ؛ لأنهما في التحصيل يَؤُولان إلى شيء واحد، فأمّا قول الشاعر [من الوافر]:

بآيَةِ يُقْدِمون الخَيلَ شُعْثًا ... إلخ

فالشاهد فيه إضافةُ "الآية" إلى الفعل الذي هو"يقدمون". يقول: أبلغهم كذا بعَلامةِ إقدامهم الخَيل شُعثًا متغيرة من الجَهْد، وشَبْهَ ما يتصبّبُ من عرَقها ودَمِها بالمُدام لحُمرته. والسنابك: جمعُ سُنبُك، وهو مُقَدمُ الحَوافِر، يريد أنه لمّا صار ذلك عادة لهم، وأمرًا لازمًا؛ صار علامة، وكذلك قال الآخر [من الوافر]:

ألا مَن مُبلِغ ... إلخ

البيت ليزيد (١) بن عمرو بن الصَّعِق، والشاهدُ فيه أيضًا إضافةُ "الآية" إلى "يُحِبون". والمعنى: إذا رأيتَ تميمًا، فبَلغْهم عني الرسالة. فكأن قائلًا قال: "بأي علامةٍ تُعْرَف تميمٌ؟ " فقال: "بعلامةِ ما يُحِبون الطعامَ." وإنما ذكر حُب تميم الطعامَ، وجعل


= ٢/ ٨٣٦؛ والشعر والشعراء ٢/ ٦٤٠؛ والكتاب ٣/ ١١٨؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٢٥٠؛ وهمع الهوامع ٢/ ٥١.
المعنى: من يبلغ بني تيم عني ما أقول فيهم، وعلامتهم أنهم يحبّون الطعام.
الإعراب: "ألا": استفتاحية. "من": اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ. "مبلغ": خبر مرفوع بالضمة الظاهرة. "عني": جار ومجرور متعلقان بالخبر "مبلغ". "تميمًا": مفعول به لاسم الفاعل "مبلغ"، منصوبُ بالفتحة الظاهرة. "بآية": جار ومجرور متعلقان بالخبر"مبلغ". "ما": زائدة. "يحبون": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. "الطعاما": مفعرل به منصوب بالفتحة الظاهر على آخره، والألف: للإطلاق.
وجملة "من مبلغ تميمًا": ابتدائية لا محل لها من الإعراب، وجملة "يحبون": في محل جر بالاضافة. والشاهد فيه إضافة "آية" إلى الفعل "يحبون". وبرى بعضهم أن "ما" مصدرية، وأن "آية" مضافة إلى المصدر المؤول من "ما" والفعل بعدها.
(١) في الطبعتين "لزيد"، وهذا تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>