فتكون حركةُ الفاء تابعةً لحركةِ ما بعدها من الحروف. فإن كان واوًا، كان مضمومًا؛ وإن كان ألفًا، كان مفتوحاً؛ وإن كان ياء، كان مكسورًا. وقد تقدّم أن هذه الحروف وَسِيلةُ الحركات، وجاريةٌ مجراها، فكما يلزم أن يكون ما قبل ياء الإضافة مكسوراٌ في قولك:"غلامِي"، كذلك يجب أن تأتيَ بالياء هنا. وإذا جاءت الياءُ، لزم أن تكسِر الفاء, لأنّ حركة الفاء تابعةٌ لما بعدها، نحو قولك:"ابْنُمْ"، و"امْرُؤٌ"، ثم تُدغم في ياء النفس، فصار اللفظُ في الأحوال الثلاث واحدًا، وهذا الوجه هو القياسي الأكثرُ، والأوّلُ قليل.
فإن قيل: لِمَ قلبتم الألفَ هنا ياء مع أنها دالةٌ على الإعراب، وامتنعتم مِن قلب ألفِ التثنية؟ وما الفرقُ بينهما؟ فالجوابُ أن في ألف التثنية وُجد سببٌ واحدٌ يقتضي قلبَهَا ياء، وعَارَضَه الإخلالُ بالإعراب، وهاهنا وُجد سببان لقَلْبها ياء، وهو وقوعُها موقع مكسورٍ، وانكسارُ ما قبلها في التقدير من حيث إن الفاء في قولك:"هذا فُوكَ"، و"رأيت فَاكَ"، و"مررت بفِيكَ" يكون تابعًا لما بعده، فقَوِيَ سببُ قَلْبه، ولم يُعْتَدّ بالمُعارِض فاعرفه.