وإزالةِ الاشتراك الكائنِ فيه، فهو من تَمامه كما أنّ النعت من تمام المنعوت، نحوَ قولك: "مررت بأخيك زيدٍ"، بيّنتَ "الأخ" بقولك "زيدٍ"، وفصلتَه من أخٍ آخرَ ليس بزيد، كما تفعل الصفةُ في قولك: "مررت بأخيك الطويلِ"، تفصِله من أخ آخر ليس بطويل. ولذلك قالوا: إن كان له إخوَةٌ، فهو عطفُ بيان، وإن لم يكن له أخٌ غيرُه، فهو بدلٌ.
وهو جارٍ على ما قبله في إعرابه كالنعت: إن كان مرفوعًا، رفعت، وإن كان منصوبًا، نصبتَ، وإن كان مجرورًا، خفضتَ، إلا أنّ النعت إنّما يكون بما هو مأخوذٌ من فعلٍ، أو حِلْيةٌ، نحوُ: "ضارب" و"مضروب",و"عالمِ"، و"معلوم"، و"طويل"، و"قصير"، ونحوِها من الصفات. وعطفُ البيان يكون بالأسماء الصريحةِ غيرِ المأخوذة من الفعل كالكُنَى والأعلامِ، نحوِ قولك: "ضربتُ أبا محمّد زيدًا"، و"أكرمْتُ خالدًا أبا الوليد"، بيّنتَ الكنية بالعَلَم، والعلمَ بالكنية، قال الراجز:
أقْسَمَ بِاللَّه أبو حَفْصٍ عُمَرْ
البيت لرُؤبَةَ وبعده:
ما إن بها من نَقَبٍ ولا دَبَرْ ... اِغْفِرْ له اللهُمَّ إنْ كان فَجَرْ
يريد عمرَ بن الخَطّاب، رضي الله عنه. والشاهدُ أنّه بَيَّنَ الكنية حين تَوهّم فيها الاشتراكَ بقوله: "عُمَرْ"، إذ كان العَلَمُ فيه أشهرَ من الكنية.
وهذا معنى قوله: "لقِيامه بالشُّهْرة دونها"، يريد: لقِيام الثاني إن عَلَمًا وإِن كنية، فالصفة تتضمّن حالًا من أحوال الموصوف يتميّز بها، وعطفُ البيان ليس كذلك، إنّما هو تفسيرُ الأوّل باسم آخر مُرادِفٍ له، يكون أشهرَ منه في العُرْف والاستعمالِ، من غيرِ أن يتضمّن شيئًا من أحوالِ الذات.
وهذا معنى قوله: "ينزل من المتبوع منزلةَ الكلمة المستعمَلة من الغريبة إذا تُرْجمتْ بها"، أي: إذا فُسرت بها. وجملةُ الأمر أنّ عطف البيان يُشْبِه الصفةَ من أربعةِ أوجهٍ:
أحدُها: أنّ فيه بيانًا للاسم المتبوع كما في الصفة.
الثاني: أن العامل فيه هو العاملُ في الأوّل المتبوع، بدليلِ قولك: "يا زيدُ زيدٌ وزيدًا" بالرفع على اللفظ، والنصبِ على الموضع، كما تقول: "يا زيدُ الظريفُ، والظريفَ"، و"يا عبدَ الله زيدًا" بالنصبَ، كما تقول: "يا عبدَ الله الظريفَ".
الثالثُ: أنّه جارٍ عليه في تعريفه كالصفة.
الرابعُ: امتناعُه أن يجري على المضمر كما يمتنِع من الصفة. ويُفارِقها من أربعةِ أوجهٍ:
أحدُها: أنّ النعت بالمشتقّ أو ما ينزِل منزلةَ المشتقّ على ما تقدّم، ولا يلزم ذلك في عطف البيان؛ لأنّه يكون بالجَوامِد.