للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كان التعريف مختصًّا بالاسم، لأنّ الاسم يُحدَّث عنه، والمحدَّث عنه لا يكون إلّا معرفةً، والفعلُ خبرٌ، وقد ذكرنا أنّ حقيقة الخبر أن يكون نكرةً. ولا يصحّ أيضًا تعريفُ الحرف، لأنّه لمّا كان معناه في الاسم والفعل، صار كالجزء منهما، وجُزءُ الشيء لا يُوصَف بكونه معرفة ولا نكرةً، فلذلك كانت أداةُ التعريف مختصّة بالاسم، فأمّا ما رَواهُ أبو زيدٍ من قول الشاعر [من الطويل]:

٣٥ - وَيستخرجُ (١) اليَرْبُوعَ من نافِقائه ... ومن جُحْرِهِ ذو الشيْخَةِ اليَتَقَصَّعُ

فشاذٌّ في القياس والاستعمال. والذي شجّعه على ذلك أنّه قد رأى الألف واللام بمعنى "الّذي" في الصفات، فاستعملها في الفعل على ذلك المعنى.

ومن خواصّ الاسم الجرّ، وذلك أنّه لا يكون في الفعل، ولا الحرفِ؛ أمّا الحروف فلأنّها مبنيّةٌ لا يدخلها الجرُّ، ولا شيءٌ من أنواع الإعراب، ولا ينعقد منها كلام مع غيرها


٣٥ - التخريج: البيت لذي الخرق الطهوي في الأشباه والنظائر ٢/ ١٧٨؛ وتخليص الشواهد ص ١٥٤؛ وخزانة الأدب ٥/ ٤٨٢؛ والمقاصد النحويَّة ١/ ٤٦٧؛ ونوادر أبي زيد ص ٦٧؛ وبلا نسبة في الإنصاف ١/ ١٥٢؛ وجواهر الأدب ص٣٢٠؛ ورصف المباني ص ٧٥؛ وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٣٦٨؛ وشرح شواهد الشافية ص ٣٤٦؛ وتاج العروس (الباء).
اللغة: اليربوع: دويَّبة معروفة. النافقاء: جحر المربوع. الشّيخة: رملة بيضاء ببلاد أسد وحنظلة. ويروى: "بالشيحة"، بالحاء، والشّيحة: نبات في الصحراء. واليتقصّع: الذي يدخل في القاصعاء وهو جحر لليربوع.
المعنى: يصف رجلًا بأنّه شديد النِّفاق حتى إنّه لشدة نفاقه خبير في استخراج اليرابيع من حجورها المختلفة في الأمكنة المختلفة.
الإعراب: "ويستخرج": الواو: حرف عطف. "يستخرج": فعل مضارع مرفوع بالضمّة. "اليربوع": مفعول به منصوب بالفتحة. "من نافقائه": جار ومجرور متعلّقان بـ "يستخرج"، والهاء: ضمير متصل في محلّ جر بالإضافة. الواو: حرف عطف. "من جحره": جار ومجرور معطوفان على الجار والمجرور السابقين، والهاء: ضمير متصل في محلّ جر بالإضافة. "ذو": فاعل "يستخرج" مرفوع لأنّه من الأسماء السِّتَّة، وهو مضاف. "الشيخة": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "اليتقصّع": "ال": اسم موصول بمعنى "الذي"؛ مبني على السكون في محل نصب صفة لـ"يربوع"، "يتقصّع": فعل مضارع مرفوع بالضمّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره: هو.
وجملة "يستخرج": معطوفة على جملة "يقول" لا محلّ لها. وجملة "يتقصع": صلة الموصول لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "اليتقصع" حيث دخلت "ال" الموصولة بمعنى "الذي" على الفعل المضارع، واتفق البصريون والكوفيون على أنّ هذا شذوذ، في حين أنّ ابن مالك قال: إنّه قليل لا شاذ.
(١) في الطبعة المصريّة "فيستخرجَ" بالفاء السببيّة، وفيها "اليُتَقصَّعُ" بالبناء للمجهول. وفي طبعة ليبزغ: "يستخرج" بالبناء للمجهول، وضمّ "اليربوع" على أنه نائب فاعل، و"ذو الشّيحة" بالحاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>