للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عداها زائدٌ، فأصلُ "الَّذِي" كأصلِ "هذَا". و"هذا" عندهم أصلُه الذال وحدها، فجَوْهَرُهما واحدٌ، وإنما يفترقان بحسبِ ما يلحَقهما من الزيادات المختلفة لاختلافِ معنيَيْهما. واحتجّوا لذلك بأن قالوا: رأينا الياء تسقُط في التثنية، نحوِ قولك: "اللذانِ"، و"اللذيْن"، وقالوا في إحدى لغاتِها: "اللذْ"، بسكون الذال، قال الشاعر [من الرجز]:

٤٨٧ - [فَظَلْتُ في شَرٍّ مِنَ اللذْ كيدا] ... كاللذْ تَزَبى زُبْيَة فاصطِيدا

وهو فاسدٌ, لأنه لا يجوز أن يكون اسمٌ في كلام العرب على حرف واحد، إلَّا أن يكون مضمرًا متصلًا. ولو كان الأصل الذالَ وحدَها لَما جاز تصغيرَها. والتصغيرُ ممّا يرُد الأشياءَ إلى أُصولها, ولا يدخل إلَّا على اسم ثُلاثي. وقد قالوا في التصغير: "اللذَيا"، فالياءُ الأوُلى للتصغير، والألفُ كالعِوَض من ضمِّ أوله، والموجودُ بعد ذلك ثلاثةُ أحرف: اللام، والذال، والياء. ولا يدُفَع المسموع وما عليه اللفظُ إلَّا بدليل، إذ الأصلُ عدمُ الزيادة.

وأمّا احتجاجُهم بحذفِ الياء في التثنية، نحو قولهم: "اللذانِ"، فإنما كان لالتقاء الساكنين، كما قلنا في "هذانِ"، ولم تثبت الياءُ وتتحركَ، فيقالَ: "اللذِيَانِ"، كما قالوا:


٤٨٧ - التخريج: الرجز لرجل من هذيل في خزانة الأدب ١١/ ٤٢٢١؛ وشرح أشعار الهذليين ٢/ ٦٥١؛ وبلا نسبة في الأزهية ص ٢٩٢؛ وخزانة الأدب ٦/ ٣، ٤، ٥؛ ورصف المباني ص ٧٦؛ ولسان العرب ١٤/ ٣٥٣ (زبي)؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٨٣.
اللغة: تزَبى: اتخذ زُبْية، وهي حفرة بعيدة الغور تصطنع لاصطياد السبع، إذا وقع فيها لم يستطع الخروج منها. كِيدَ: فعل ماض مبني للمجهول من الكيد.
المعنى: لقد ظللت في شر من الذي كدت في حقه، فكنت كمن حفر حفرة ليصطاد بها فإذا هو واقع فيها.
الإعراب: "فَظَلْتُ": الفاء: بحسب ما قبلها، "ظلت": فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء: ضمير رفع متحرك مبني على الضم في محل رفع اسمها. "في شر": جار ومجرور متعلقان بالخبر المحذوف. "من اللذ": جار ومجرور متعلقان باسم التفضيل "شر". "كيدا": فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح الظاهر على آخره، والألف: للإطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو. "كاللذ": جار ومجرور متعلقان بخبر "ظل" المحذوف. "تزبى": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف منع من ظهورها التعذر، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو. "زبية": مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة. "فاصطيدا": الفاء: عاطفة، "اصطيدا" فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح الظاهر على آخره، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو، والألف: للإطلاق.
وجملة "ظلت في شر": بحسب ما قبلها. وجملة "كيدا": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "تزبى": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "اصطيدا": معطوفة على ما قبلها.
والشاهد فيه قوله: "كاللَّذْ تَزَبى" حيث وردت كلمة "اللذ" في هذا الموضع وفي قوله "في شَرّ من اللذ" محذوفة الياء ساكنة الذال.

<<  <  ج: ص:  >  >>