للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجملةُ الأمر أن الصلة بأربعةِ أشياء: الفعلِ والفاعل، والمبتدأ والخبر، والشرطِ وجوابه، والظرفِ. ولا بد في كل جملة من هذه الجمل من عائد يعود منها إلى الموصول، وهو ضميرُ ذلك الموصول ليربِط الجملةَ بالموصول، ويُؤذِنَ بتعلُّقها بالموصول، إذ كانت الجملة عبارة عن كل كلام تام قائم بنفسه. فإذا أتيتَ فيها بما يتوقف فهمُه على ما قبله، آذَنَ بتعلُّقها به. فمِثالُ وَصْلك بالفعل قولُك: "جاءني الذي قام"، فـ "الذِي" الموصولُ، و"قَامَ" الصلةُ، والعائد الفاعل، وهو ضميرُ الموصول، واستتر في الفعل؛ لأنه له. ولو كان لغيره، لم يستتر، نحوَ "الذي قام غلامُه زيدٌ".

وسواءٌ في الفعل الفعلُ اللازم والمتعدي، والحقيقي وغيرُ الحقيقي، نحو"كَانَ"، و"لَيْسَ"، فمثالُ اللازم ما تقدم من قولنا: "جاءني الذي قام، والذي قام غلامُه"، ومثالُ المتعدي "جاءني الذي ضرب زيدًا، والذي أعطَى عمرًا درهمًا، والذي ظَن زيدًا قائمًا، والذي أَعْلَمَ عمرًا زيدًا خيرَ الناس". فَـ "الذِي" هو الموصول، و"ضَرَبَ زيدًا" هو الصلة، والعائدُ الفاعل المستتر في "ضرب". وكذلك الباقي، الصلةُ الفعل وما يتبعُه من الفاعل والمفعولين.

ومثالُ وَصْلك بالفعل غير الحقيقي قولُك: "جاءني الذي كان قائمًا، والذي ليس قائمًا"، فـ "كَانَ" واسمها وخبرها الصلةُ، والعائدُ الاسم المستتر، ولا فرقَ في ذلك بين أن تكون الجملة إيجابًا، أو سَلبًا. فمثالُ الإيجاب: "الذي قام زيدٌ"، ومثال السلب: "الذي ما قام زيدٌ". وتقول في الموصول بالمبتدأ والخبر: "جاءني الذي أبوه قائمٌ"، فـ "الذي" اسمٌ موصولٌ، و"أبوه قائمَ لما الصلةُ، والعائدُ الهاء في "أبوه". ومثلُه: "جاءني الذي هو قائم فقولُك: "هو قائمٌ" صلة، و"هُوَ" العائدُ إلى الموصول، ومثالُ وَصْلك بالشرط والجزاء قولك: "جاءني الذي إنْ تَأْتِه يَأتِك عمرو فقولك: "إن تأته يأتك عمرو" صلة، والعائدُ الهاء في "تأته".

واعلمْ أن كل واحد من الشرط والجزاء جملة فعلية تامة، فلمّا دخل عليهما حرفُ الشرط ربطهما وجعلهما كجملة واحدة في افتقار كل واحدة من الجملتَيْن إلى الأخرى، كافتقار المبتدأ إلى الخبر، فالجملةُ الأولى التي هي شرط بمنزلة المبتدأ، والجملةُ الثانية التي هي جزاءٌ كالخبر. وإذا كان كذلك، فأنتَ بالخيار في إلحاقِ العائد: إن شئت أتيت به في الجملة الأولى، نحوَ ما تقدم من قولك: "جاءني الذي إن تأته يأتك عمرٌو". فالعائدُ الهاء في "تَأتِهِ". وإن شئت أتيت به في الجملة الثانية، نحوَ قولك: "جاءني الذي إِن تُكرِمْ زيدًا يَشْكُرْك"، فالعائدُ المضمر في "يشكرك". فإن جئت بالضمير فيهما، فأحسنُ شيء، نحوَ قولك: "جاءني الذي إن تَزُرْه يُحْسِنْ إليك"، فالعائدُ الأول الهاء المنصوبة في "تزره"، والآخَرُ الضمير المرفوع في "يحسن إليك"، كما يكون في المبتدأ والخبر إذا كانا صلة كذلك، إن شئت أتيت بالعائد مع المبتدأ وحدَه، نحوَ: "جاءني الذي أبوه قائم"،

<<  <  ج: ص:  >  >>