للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعينه. فأمّا ما دل على شخص مفرد، فنحو: "غلامُ زيد"، و"صاحبُ عمرو"، وأمّا ما لا يدل على شخص مفرد، فنحو: "سام أَبْرَصَ"، و"أبي الحُصَيْن".

فأمَّا الثاني: وهو ما لا يدل على شخص مفرد، فلا يجوز الإخبارُ عنه؛ لأنه لا يتخصص بالإضافة، وأما الأوّل -وهو ما يدل على شخص مفرد- فإنه يجوز الإخبارُ عن المضاف مفردًا، وعن المضاف إليه مفردا, ولا يجوز الإخبارُ عنهما معًا؛ لأنّ المضمر لا يدل على أكثرَ من واحد.

ولو قيل لك: أَخْبِرْ عن "قَامَ" من قولك: "قام غلامُ خالد"، قلت: هذا لا يجوز؛ لأن الفعل لا يُضمَر، وقد بينّا أن معنى الإخبار أن تنزع الاسمَ المخبرَ عنه من الكلام، وتأتي موضعه بضميره، إن كان مبتدأ كان ضميرا منفصلًا، وإن كان مفعولًا أو مضافا إليه، كان المضمرُ متصلًا.

فإن أخبرت عن اسمك في"ضربتُ زيدًا"، قلت في الإخبار بـ "الذي": "الذي ضرب زيدًا أَنَا"، نزعتَ ضميرَ المتكلم من الفعل، ووضعتَ مكانَه ضميرَ الغَيبة؛ لأنه راجعٌ إلى "الذي"، و"الذي" موضوعٌ للغيبة، واستتر الضميرُ في الفعل؛ لأن الفعل، إذا كان واحدًا غائبًا، لم تظهر له علامة، ثمّ جعلت ضميرَ المتكلم المنتزعَ خبرًا. فلمّا صار خبرًا، وجب أن يكون ضميرًا مرفوعًا منفصلًا للمتكلم، نحوَ: "أَنَا". وإنما كان مرفوعًا؛ لأنه خبرُ المبتدأ، وخبرُ المبتدأ لا يكون إلَّا مرفوعًا. وإنما كان منفصلًا؛ لأن خبر المبتدأ ليس عاملُه لفظًا، فيتصلَ به. وكان ضميرَ متكلم على حد ما غالب في "ضربتُ". وتقول في الإخبار بالألف واللام: "الضاربُ زيدًا أنا"، فـ "الضارب" مبتدأ، وفيه ضمير يعود إلى الألف واللام، و"أَنَا" الخبرُ.

فإن أخبرت عن المفعول الذي هو زيدٌ بـ "الذي"، قلت: "الذي ضربتُه زيد". فـ "الذي" مبتدأ، و"ضربتُه" صلتُه والهاء عائدة إِليه، و"زيدٌ" خبر. ويجوز حذف الهاء، فتقول: "الذي ضربت زيدٌ". قال الله تعالى: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١)} (١). فإن أخبرت بالألف واللام، قلت: "الضارِبُه أنا زيد"، فالهاء في "الضاربه" ترجع إلى ما دل عليه الألفُ واللام، وهو"الذِي"، و"أَنَا" مرتفعٌ بـ "ضارب"، وأظهرتَ المضمر الذي هو "أَنَا"؛ لأن "ضاربًا" لك، وقد جرى على الألف واللام الذي لـ"زيدٍ"، وقد جرى على غيرِ مَنْ هو له. واسمُ الفاعل إذا جرى على غيرِ مَن هو له، برز ضميرهُ.

وتقول: "يَطِير الذباب فيغضَب زيدٌ"، إن أخبرتَ عن الذباب، قلت: "الذي يطير فيغضب زيد الذبابُ"، فيكون "الذي" في موضع رفع؛ لأنه مبتدأٌ، و"يطير" صلتُه، وفيه ضمير يعود إلى "الذي"، وهو الفاعلُ، استكنّ فيه لكونه واحدًا لغائب. وضميرُ الفاعل


(١) الفرقان: ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>