قال الشارح: المراد باسم العين ما كان شَخْصًا يُدْرِكه البصرُ، كـ"رجلٍ"، و"فرسٍ"، ونحوهما من المَرئيّات.
والمعاني عبارةٌ عن المصادر، كـ"العِلْم"، و"القُدْرَة"، مصدرَيْ "علم" و"قدر". وذلك ممّا يُدْرَك بالعقل دون حاسّة البصر.
وكلاهما ينقسم إلى اسم هو صفة، وغير صفة. فالاسمُ غير الصفة ما كان جنسًا غيرَ مأخوذٍ من فعلٍ، نحو:"رجل"، و"فرس"، و"عِلْم"، و"جَهْل". والصفةُ ما كان مأخوذًا من الفعل، نحو: اسم الفاعل، واسم المفعول، كـ"ضارب"، و"مضروب"، وما أشبههما من الصفات الفعليّة؛ و"أَحْمَرَ" و"أَصْفَرَ"، وما أشبههما من صفات الحِلْية؛ و"بَصْريّ"، و"مَغْرِبيّ"، ونحوهما من صفات النسبة، كلُّ هذه صفاتٌ تعرفها بأنّها جاريةٌ على الموصوفين، ومثالُ جَرَيانها قولك:"هذا رجلٌ ضارب، ومضروبٌ"، وكذلك الباقي.
فإن قيل: اشترطتم في الصفة أن تكون مأخوذةً من فعل، فما بالُك حكمت على "بصريّ"، و"مغربيّ" بأنّهما صفتان، وليسا من فعل؟ قيل: لمّا أضفتهما حَدَثَ فيهما معنى: الفعل، لأنهما صارا في معنى: منسوب أو مَعْزُوِّ.
والفرق بين الصفة وغير الصفة من جهة المعنى؛ وذلك أنّ الصفة تدلّ على ذاتٍ وصفةٍ، نحو:"أَسْوَدَ"، مَثَلًا؛ فهذه الكلمةُ تدل على شيئين؛ أحدُهما الذاتُ، والآخرُ السوادُ، إلّا أنّ دلالتها على الذات دلالةُ تسميةٍ، ودلالتها على السواد من جهةِ أنّه مشتقٌّ من لفظه، فهو من خارج؛ وغيرُ الصفة لا يدل إلّا على شيءٍ واحد، وهو ذات المسمى. ولمّا قسم الأعيان والمعاني إلى صفاتٍ، وغير صفات، مثَّلَ بالأمْرَيْن؛ فـ "رجلَّ"، و"فرسٌ" من أسماء الأعيان غير الصفات، و"عِلْمٌ" و"جَهْلٌ" من أسماء المعاني، و"راكبٌ" و"جالسٌ" من صفات الأعيان؛ ألا ترى أنّها تجري صفاتٍ على أسماء الأعيان، نحو قولك:"رجلٌ راكبٌ"، و"غلامٌ جالسٌ"، و"مفهومٌ"، و"مُضْمَرٌ"، من صفات المعاني؛ ألا تراك تقول:"هذا معنَى مفهومٌ"، و"حديثٌ مضمرٌ"، أي: غيرُ بادٍ للأفهام، والمرادُ أنّ المعاني توصَف كما توصَف الأعيانُ، فاعرفه.