للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يُرِد ههنا التشبيه، بل اليقين. ومما لا يكون فيه "كَأَنَّ" إلَّا عارية من معنى التشبيه قوله [من البسيط]:

٦٠٥ - كأنني حِينَ أُمْسِي لا تُكَلمُني ... مُتَيم يَشْتَهِي ما ليس مَوْجُودَا

أي: أنا حين أمسي هذه حالي. وذهب أبو الحسن إلى أنّه "وَيْكَ" مفصولة من "أنهُ"، وكان يعقوبُ يقف على "وَيْكَ" ثم يبتدىء: "أنهُ لا يفلح الكافرون"، كأنه أراد بذلك الإعلام بأنّ الكاف من جملةِ "وَيْ"، وليست التي في صدرِ "كأن" إنما هي "وَيْ" على ما ذكرنا أضيف إليها الكافُ للخطاب على حدها في "ذلِكَ"، و"أُولئك"، ويُؤيد ذلك قول عَنْتَرَةَ [من الكامل]:

٦٠٦ - ولقد شَفَى نَفْسي وأَبْرَأَ سُقْمَهَا ... قَوْلُ الفَوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْدِمِ


٦٠٥ - التخريج: البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص ٣٢٠؛ والجنى الداني ص ٥٧١؛ والخصائص ٣/ ١٧٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٨٨؛ وليزيد بن الحكم الثقفي في لسان العرب ٣/ ٣١٨ (عود)؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ٣٩٩، وخزانة الأدب ٦/ ٤٠٧؛ والمحتسب ٢/ ١٥٥.
اللغة: متيم: العاشق الذي استبد به هواه، وتيم الله: عبد الله.
المعنى: عندما يمر يوم لا تكلمني فيه محبوبتي أصبح كالعبد الذي يشتهي ما ليس يحصل عليه، وذلك من شدة الحب ومن شدة وجدي بها.
الإعراب: "كأنني": "كأن": حرف مشتبه بالفعل، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل في محل نصب اسم كأن. "حين": مفعول فيه ظرف زمان متعلق بـ "كأن" لما فيه من معنى التشبيه، وبـ "متيم" عند من جعل "كأن" معناها التحقيق عارية عن التشبيه. "أمسي": فعل مضارع ناقص مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة، واسمه ضمير مستتر وجوبا تقديره: أنا. "لا تكلمني": "لا": نافية، "تكلم": فعل مضارع مرفوع، والنون: للوقاية، والياء: ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره: هي. "متيم": خبر كأن مرفوع بالضمة. "يشتهي": فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة، والفاعل ضمير مستر جوازا تقديره: هو. "ما": اسم موصول في محل نصب مفعول به."ليس": فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره: هو. "موجودًا": خبر ليس منصوب بالفتحة.
جملة "كأنني متيم": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أمسي وخبرها .. ": في محل جر بالإضافة. وجملة "لا تكلمني": في محل نصب خبر أمسي. وجملة "يشتهي ما": في محل رفع صفة لمتيم. وجملة "ليس موجودا": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "كأنني ... " حيث جاءت "كأن" للتحقيق، وقيل: هي على بابها في الدلالة على التشبيه.
٦٠٦ - التخريج: البيت لعنترة في ديوانه ص ٢١٩؛ والجنى الداني ص ٣٥٣؛ وخزانة الأدب ٦/ ٤٠٦، ٤٠٨، ٤٢١؛ وشرح الأشموني ٢/ ٤٨٦؛ وشرح شواهد المغني ص ٤٨١، ٤٨٧؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١٧٧؛ ولسان العرب ١٥/ ٤١٨ (ويا)؛ والمحتسب ١/ ١٦، ٢/ ٥٦؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣١٨.
اللغة: شفى نفسي: أذهب غيظها. أبرأ: شفى. السقم: المرض. قيل: قول. ويك: اسم فعل بمعنى أعجب أو أتعجب. أقدم: تقدّم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>