للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: "سَعْ"، وهو زجر للمَعْز، يقال لها: "سَعْ سَعْ". قال الفراء: "يقال: "سَعْسَعْتُ بالمعز" إذا زجرتَها. قال ابن دُرَيْد، وقد يُزجَر البعير، فيقال له: "سَعْ"، وهو صوت أيضًا مبني محكي، وسكن آخرُه لأنه لم يلتق في آخره ما يُوجِب الحركةَ كـ "صَهْ" و"مَهْ".

وقالوا: "جَوْتَ"، وهو دعاءٌ للإبل لتشرب، ويقال: "جَوْتَ جَوْتَ"، وهو من الأصوات المحكيّة، وفُتح للخفة، فأما قول الشاعر، أنشده الكسائي [من الطويل]:

دعاهن رِدْفي ... (١) إلخ

فشاهد على صحة الاستعمال، وقال: "بالجَوْتَ"، فأدخل عليه الألفَ واللام، وأبقاه على حاله من الحكاية والبناء؛ لأن إلحاقَ الألف واللام الأسماء المبنية لا يُوجِب لها الإعرابَ، ألا ترى إلى قولهم "الآن"، و"الذِي"، و"التِي" ونحوها كيف دخلت عليها اللام، ولم توجِب لها إعرابا؟ فكذلك دخولُ الألف واللام في "الجَوْتَ" زائدة على حدّ زيادتها فيما ذكرنا, ولا يوجب ذلك إعرابًا؛ لأنها لم تلحق هذا القبيلَ؛ لأن مجراه مجرى الفعل. ألا ترى أنها لا تدخل في مثلِ "غاقِ"، و"صَهْ" ونحوهما.

ومثلُ "الجَوْتَ" في دخول الألف واللام عليه قوله [من الطويل]:

تَداعَيْنَ باسم الشيبِ في مُتَثَلمِ (٢)

فقوله: "شِيب" حكايةُ صوتِ جَذبها الماء، ورَشْفِها له عند الشرب، فأدخل عليه اللامَ، وحكاه. ومثَله قول الآخر [من الرجز]:

يَدْعُونَنِي بالماء ماءً أَسْوَدَا (٣)

فـ "ماء" حكايته صوت بُغام الظباء، وأدخل عليه اللامَ (٤)، وهو قليل قياسا واستعمالا.

ومثله "جِئْ"، وهو صوت محكي ساكنُ الآخر؛ لأنه لم يعرض فيه ما يُوجِب الحركة، يقال ذلك للإبل عند الشرب، ويقال: "جَأْجَأْتُ بالإبل جأْجَأَة إذا قلت لها: "جِىءْ جِىءْ" والاسمُ: "الجيءُ" مثلُ "الجِيع". قال [من الهزج]:

٦١٤ - وما كان على الجِيء ... ولا الهِيء امْتِداحِيكَا


(١) تقدم بالرقم ٦٠٢.
(٢) تقدم بالرقم ٣٧٦.
(٣) تقدم بالرقم ٣٨٠.
(٤) يريد "أل".
٦١٤ - التخريج: البيت لمعاذ الهراء في لسان العرب ١/ ٤٢ (جأجأ)، ٥٣ (جيأ)، ١٧٩ (هأهأ)، ١٨٩ (هيأ)؛ وبلا نسبة في شرح التصريح ٢/ ٢٠١، والصاحبي في فقه اللغة ص ٧١.
الإعراب: "وما": الواو: بحسب ما قبلها، "ما": نافية. "كان": فعل ماض ناقص. "على الجيء": جار ومجرور متعلقان بخبر (كان) المقدم المحذوف، أو هما الخبر. "ولا": الواو: حرف عطف،=

<<  <  ج: ص:  >  >>