للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِى عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوْ فِى الْمَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ، أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ".

ــ

أن لا وضوء عليه هذا الحديث] (١)، وقال مالك وأبو حنيفة: لا ينقضه إِلا مقيدًا، واختلف هؤلاء - أيضًا - فى التقييد ما هو؟ فقال مالك: حصول اللذة، وسواء عنده اللامس والملموس، وقال أبو حنيفة: حصول الانتشار، ورد هؤلاء على الشافعى بحديث عائشة [هذا] (٢) ولم يذكر فيه أنه قطع صلاته لانتقاض وضوئه بمسِّها وينفصل عنه الشافعى (٣) بأنه يقول: يحتمل أن تكون مسته من فوق حائل؛ ولهذا لم يقطع صلاته - عليه السلام.

قال القاضى: وقولها: " على باطن قدميه وهما منصوبتان " بيِّنٌ فى هيئة الرجلين فى السجود أن تكونا منصوبتين، ويبعد انفصال الشافعى بما قاله من وقوع يدها عليهما فوق ثوب مع هذا اللفظ، وظاهره يخالفه.

وقولها: " وهو يقول أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك ": قال الخطابى: فى هذا معنى لطيف، وذلك أنه استعاذ بالله وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضى والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والمؤاخذة، بالعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له - وهو الله سبحانه - أستعاذ به منه لا غير (٤) ومعنى ذلك: الاستغفار من التقصير فى بلوغ الواجب من حق عبادته والثناء عليه.

وقوله: " لا أحصى ثناء عليك ": أى لا أطيقه ولا أبلغه ولا أنتهى غايته، وقيل: لا أحيط بذلك: وفيه إضافة الخير والشر إلى الله تعالى. وقال مالك: أى لا أحصى نعمتك وإحسانك [علىّ] (٥) والثناء بها عليك وإن اجتهدت فى الثناء عليك.

قال القاضى - رضى الله عنه -: " أو سخطه ومعافاته وعقوبته "، من صفات أفعاله، فاستعاذ من المكروه منها إلى المحبوب، ومن الشر إلى الخير.

وقوله: " أنت كما أثنيت على نفسك ": اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، وأنه كما قال لا يحصيه وردّ ثنائه إلى الجملة دون تفصيل [وإحصاء] (٦) وتعيين، فوكل ذلك إلى المحيط بكل شىء جملة وتفصيلاً (٧)، وكما أنه تعالى لا نهاية لسلطانه وعظمته ومجده


(١) سقط من ع.
(٢) من ع.
(٣) فى ع: وينفصل الشافعى عن هذا.
(٤) كل هذا أثبته النووى بغير عزو إلى القاضى.
(٥) من ت.
(٦) من ت.
(٧) نقله النووى بتمامه دون عزو. انظر: ٢/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>