للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العقَدِىُّ. ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ، كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَفِى حَدِيثِهِمَا: قَالَ شُعْبَةُ: رَفَعَهُ مَرَّة، وَلَمْ يَرْفَعْهُ مَرَّتَيْنِ.

ــ

آخر الإسفار، وقال: " ما بين هذين وقت ".

قال القاضى: قوله: " عند آخر الإسفار " أتى به - رحمه الله - على المعنى وليس فى لفظ الحديث، وإنما لفظه كما تقدم، ولا حجة فيه للإصطخرى؛ لأن الصلاة إذا كانت بعد الإسفار البيِّن أو بعد آخره فليس وراءه إِلا طلوع الشمس، ولأن قوله: " ما بين هذين وقت ": يعنى بين صلاته فى الإسفار إلى صلاته أول طلوع الفجر (١)، فجاء الإسفار من جملة وقت الصلاة وداخل فيها، وأما آخر صلاة الظهر فقال فى الأم فى حديث عبد الله ابن عمرو: " ما لم تحضر العصر "، وقال فى حديث بريدة فى صلاته بها اليوم التالى: " فأدبر بها " وفى حديث أبى موسى: " أخَّر الظهر حتى كان قريباً من وقت العصر بالأمس " وفى حديث جبريل فى رواية من ذكر فيه الوقتين الذى لم يذكره مسلم: " ثم أتاه حين كان ظل كل شىء مثله من الغد، فقال: يا محمد، صل الظهر " لم يخرج، وأما آخر صلاة العصر ففى حديث عبد الله بن عمرو فى الأم: " إلى أن تصَفر الشمس ويسقط قرنها الأول "، وفى حديث بريدة فى الوقتين: " أنه صلاها فى اليوم التالى والشمس مرتفعة "، وفى الرواية الأخرى: " بيضاء نقية لم تخالطها صفرة "، وفى حديث أبى موسى: " وانصرف منها والقائل يقول: " قد احمرت الشمس " ومثله فى حديث جبريل، وفى الأحاديث الأُخر: " من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها وقوله فى الحديث الآخر: " فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرنى شيطان " قد يحتج به أبو حنيفة وأهل الرأى فى منعه الصلاة حينئذ بكل وجه من فرض ونفل، ونقول: إنه لو طلعت الشمس وقد صلى ركعة من الصبح فسدت عليه بخلاف قول كافة المسلمين. قدمنا الكلام عليه [قبل] (٢) ومحموله قوله: " أمسك عما لا يحق عليك صلاته "، بنص


(١) واعلم أن أول وقت الصبح هو طلوع الفجر، وهو البياض المنتشر فى الأفق من القبلة إلى الشمال لا المنتشر من المشرق إلى المغرب؛ لأن ذلك هو الفجر الكاذب.
قال الأبى: فإن قلت: القياس أن يكون انتشار الضوء من المشرق إلى المغرب؛ لأن الفجر هو البياض السابق بين يدى طلوع الشمس، وهى إنما تطلع من المشرق صاعدة إلى المغرب، فقياس فجرها أن يكون كذلك.
قلت: الفجر الصادق هو البياض السابق بين يدى طلوعها، وهو - أيضًا - إنما يطلع من المشرق صاعداً إلى المغرب، لكن لاتساع دائرته يتوهم أنه من القبلة إلى الشمال؛ لأن الدوائر ثلاثة: دائرة قرص الشمس، ودائرة الحمرة المحيطة بها، ودائرة البياض المحدق بالحمرة، وهو السابق بين يدى طلوع الشمس المسمى بالفجر.
(٢) من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>