للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الإمام: ولو قال قائل: مقتضى الأحاديث (١) أن الظهر لا حظ لها فى القامة الثانية وأن التأثيم يتعلق بتأخيرها بعد القامة إِلا أن يمنع من ذلك دليل فيصار إليه؛ لأنَّ الأحاديث الواردة فى وقتها ليس فيها دليل على أن لها بعد القامة وقتاً، ولم تعارض هذه الأحاديث بشىء (٢) [سوى ما وقع] (٣) فى بعض أحاديث الجمع بين الصلاتين، ويحمل ذلك على أنه كان لضرورة، وإنما كلامنا على غير وقت الضرورة لكان للنظر فى قوله مجال.

وأما العصر فلو قال قائل أيضاً فى بناء أحاديثها بعد قوله: " الاصفرار " وهو كقوله: " إلى الغروب " فى حديث آخر، وأراد الاصفرار المقارب للغروب وحدَّ به حماية للذريعة لئلا يوقعها بعد الغروب، فيستظهر بإمساك جزء قبل الغروب، كما يفعل الصائم فى استظهاره بإمساك جزء من الليل قبل الفجر، وإن كان الأكل يباح له: فى الحقيقة إلى الفجر، إِلا أنه لا يقدر على تحصيل ذلك إِلا بإمساك جزء من الليل. ويؤيد هذا البناء قوله فى الحديث فى كتاب مسلم: " وقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول "، فقد جمع بين الاصفرار والمغيب لكان لذلك (٤) فى النظر مجال أيضاً، لكن يقدح فى هذا البناء حديث القامتين، فإن الظاهر أن ذلك بعيد عن الغروب.

والأحاديث الواردة فى آخر وقت المغرب يحمل اختلافها على تأكيد الفضل فى التعجيل على التأخير، وإن كان الكل وقت فضيلة على هذه الطريقة، ولكن أفضله أوله، وأما أحاديث العتمة فإنما وقع فيها ثلث الليل ونصف الليل، فيبنى على أنه متقارب فى الفضل، والذى وقع فيه: " إلى الفجر " يحمل على أنه آخر وقت الوجوب.

قال القاضى: يحسب [اختلاف] (٥) ألفاظ هذه الأحاديث فى الظهر والعصر، اختلف العلماء والمذهب، فمشهور قول مالك، ومذهبه: أن آخر وقت الظهر تمام القامة، وهو أول وقت العصر بلا فضل، وأن تمام القامة وقت لهما جميعاً، وهو قول ابن المبارك وإسحاق فى أخريين، وحجتهم قوله فى حديث جبريل: إنه " صلى [به فى اليوم الثانى فى الظهر حين صار ظل كل شىء مثلَه " وفى رواية: " فى الوقت الذى صلى فيه العصر بالأمس " ونحوه فى حديث جابر، وذكر فى صلاته به فى اليوم التالى] (٦) العصر مثله، ويكون معنى ذلك على هذا الرأى: أن انتهاء صلاة الظهر فى اليوم الثانى فيه كان ابتداء صلاة العصر فى اليوم الأول، وقال الشافعى وأبو ثور وداود مثله، إِلا أن بين وقت الظهر والعصر فاصلةٌ وهى زيادة الظل أدنى شىء على القامة ونحو هذا قول فقهاء أصحاب الحديث


(١) بعدها فى المعلم: النظر.
(٢) فى المعلم: شىء.
(٣) فى الأصل: سواها ووقع، والمثبت من المعلم وت.
(٤) فى الأصل: ذلك، والمثبت من المعلم وت.
(٥) من ق.
(٦) سقط من ت، واستدرك بهامشها.

<<  <  ج: ص:  >  >>