للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقليلٌ، ولو التُزِم هذا لا يطلب السُننُ، وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنه يوجب العلم، وحُكى هذا عن أحمد بن حنبل (١)، ثم قالت منهم طائفة: [إنما] (٢) يُوجِبُ العِلمَ الظاهر دون الباطن. وهذه الأقاويل كلها غير قول الجمهور باطلة (٣)، إذ لا يقطع بِمُغَيَّبِة وصدِق ناقله [وإذ يُعلم بالضرورة ترك الطمأنينة إلى القطع بصدق ناقلِه] (٤) لاحتمال الوهم والغلط، والآفات على الآحاد، كما لا يُقطع بصحَّةِ شهادة الشهود، وإن لزمنا العمل بها إجماعاً، ولعلمنا (٥) قطعاً إجماع الخلفاء (٦) والصحابة ومن بعدهم من السلف على امتثال خبر الواحد إذا أخبرهم بِسُنَّةٍ أو قضاء من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجُوعهم إليه [وقضائهم] (٧) وفتياهم به دون تلعثُم وطلبهم عند عدم الحجة ذلك مِمَّن بلغَهُم أن ذلك


= الجوامع ٢/ ١١٩، مجموع الفتاوى ١٨/ ١٦.
والمتواتر بهذا الحد يفيد العلم القطعى. وهو قول كافة أهل العلم- كما حكاه أبو البركات فى المسودة: ٢٣٣.
والمشهور: ما له طرق محصورة بأكثر من اثنين، ولم يبلغ حد التواتر- أى لم يُفد بمجرد العلم، وهو المستفيض على رأى الجماعة من أئمة الفقهاء. وقيل: المستفيض يكون عدد طرفيه ووسطه سواء، والمشهور أعم من ذلك. وقد يطلق المشهور على ما اشتهر على الألسنة مطلقاً، أى وإن لم يكن له إسناد. قواعد فى علوم الحديث: ٣٢.
وهما عند الجمهور داخلين تحت مسمى الآحاد، والمشهور قسيماً للمتواتر والآحاد عند الحنفية، كما أن المستفيض قسم منه عندهم والمشهور عندهم يوجب ظنًّا فوق ما يوجبه الظن الحاصل من خبر الآحاد. ولهذا فإنهم يذهبون إلى جواز تخصيص القرآن به.
أما الذين يخصصون القرآن بالآحاد- وهم الشافعية- فإنهم لا يفرقون بين الآحاد والمشهور، إلا أن المشهور أقوى عند الترجيح لكثرة رواته. أصول مذهب الإمام أحمد: ٢٧١.
والقرائن التى يفتقر إليها خبر الواحد ليفيد العلم هى وقوع الإجماع على العمل بمقتضاه، أو تلقى الأمة له بالقبول، أو يكون مشهوراً أو مستفيضاً، أو ما يفيد العلم.
فإذا أحتف بخبر الواحد قرينةٌ من تلك القرائن جعلته مفيداً للعلم النظرى لا الضرورى، لأنه لو حصل العلم بدونها لوجب القطع بتَخطئة من تخالفوا بالاجتهاد، وهو خلاف الإجماع، حكاه البدخشى- منهاج العقول فى شرح منهاج الأصول إلى علم الأصول للبيضاوى ٢/ ٢٧٩، ولأنه لو أفاده بدونها للزم تناقض المعلومين عند تعارض خبرى عدلين. السابق.
(١) وهو أحد قولين له فى هذه المسألة، والثانى: أن العلم به لا يطرد، أى يحصل مرة دون أخرى. بدخشى ٢/ ٢٧٩.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) لو قال القاضى: " مرجوحةً " لكان أليق، إذ أن هذا مذهب كثيرين.
(٤) سقط من ت.
(٥) فى ق: علمنا.
(٦) قيد قبلها فى ت: العلماء، ولا وجه لذكرها هنا.
(٧) ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>