للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايَتِهِ عَنْهُمَا ذِكْرُ السَّمَاعِ مِنْهُمَا، وَلا حَفِظْنَا فِى شَىْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ شَافَهَ حُذَيْفَةَ وَأَبَا مَسْعُودٍ بِحَدِيثٍ قَطُّ، وَلا وَجَدْنَا ذِكْرَ رؤْيَتِهِ إِيَّاهُمَا فِى رِوَايَةٍ بِعَيْنِهَا.

وَلمْ نَسْمَعْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ مِمّنْ مَضَى، وَلا مِمَّنْ أَدْرَكْنَا، أَنَّهُ طَعَنَ فِى هَذَيْنِ الخَبَرَيْنِ، اللذَيْنِ رَوَاهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدٍ عَنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِى مَسْعُودٍ، بِضَعْفٍ فِيهِمَا، بَلْ هُمَا وَمَا أَشْبَهَهُمَا، عِنْدَ مَنْ لاقَيْنَا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بِالحَدِيثِ، مِنْ صَحَاحِ الأَسَانِيدِ وَقَويَّهَا، يَرَوْنَ اسْتِعْمَالَ مَا نُقِلَ بِهَا، وَالاحْتِجَاجَ بِمَا أَتَتْ مِنْ سُنَنٍ وَآثَارٍ.

وَهِىَ فِى زُعْمِ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلهُ، مِنْ قَبْلُ، وَاهِيَةٌ مُهْمَلةٌ، حَتَّى يُصِيبَ سَمَاعَ الرَّاوِى عَمَّنْ رَوَى. وَلوْ ذَهَبْنَا نُعَدَّدُ الأَخْبَارَ الصِحَاحَ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِمَّنْ يَهِنُ بِزَعْمِ هَذَا القَائِلِ، وَنُحْصِيهَا - لعَجزْنَا عَنْ تَقَصِّى ذِكْرِهَا وَإِحصَائِهَا كُلهَا.

ولكِنَّا أَحْبَبْنَا أَنْ نَنْصِبَ مِنْهَا عَدَدًا يَكُونُ سِمَةً لِمَا سَكَتْنَا عَنْهُ مِنْهَا.

وَهَذَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِىُّ وَأَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ، وَهُمَا مِمَّنْ أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَصَحِبَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ البَدْرِيِّينَ هَلم جَرا. وَنَقْلا عَنْهُمُ الأَخْبَارَ حَتَّى نَزَلا إِلى مِثْلِ أَبِى هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَذَوِيِهِمَا، قَدْ أَسْنَدَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِىِّ

ــ

نفقة الرجل على أهله، وقد خرَّجه الإمامان فى صحيحيهما (١)، وأما حديثه عن حذيفة فهو قوله: " أخبرنى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما هو كائن " (٢) الحديث أخرجه مسلم.

وذكر مسلم أن أبا عثمان النهدى وأبا رافع الصايغ وأنهما ممن أدرك الجاهلية وصحب أصحاب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البدرين هلم جرا، وذكر أن كل واحد منهما أسند عن أبى هريرة وأبى بن كعب عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً، فأما حديث أبى عثمان عن أُبىِّ فقوله: " [قال رجل] (٣): لا أعلم أحداً أبعدَ بيتًا من المسجد منه ... " الحديث، وفيه قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له:


(١) الحديث أخرجه مسلم فى الزكاة فى فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد ٣/ ٤٠، والبخارى فى النفقات، ب فضل النفقة على الأهل ولفظه: " إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة "، كما أخرجه أحمد فى المسند ٤/ ١٢٠ - ١٢٢.
(٢) فى الفتن ٥/ ٧٤١.
وعبد الله بن يزيد هو الخطمى، الأنصارى، كان صغيراً على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أحد من بايع بيعة الرضوان، وكان عمره يومئذ سبع عشرة سنة، وكان والده يزيد من الصحابة الذين توفوا فى حياة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مات قبل السبعين، وله نحوٌ من ثمانين سنة -رضى الله عنه. الطبقات الكبرى ٦/ ١٨، طبقات خليفة: ٩٣٥، الجرح والتعديل ٥/ ١٩٧، رجال صحيح مسلم ١/ ٣٤٧، سير ٣/ ١٩٧، تهذيب التهذيب ٦/ ٧٨.
(٣) فى ت: كان رجلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>