للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للمشقة، وإن جد من لا يُشق ذلك عليه فإنه لا يخرج عن جملة من أرخص له.

قال الإمام: وأما قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " على كل حر أو عبد " فإن داود أخذ بذلك، قال: تجب على العبد كما اقتضاها اللفظ، ولكن على السيد أن يتركه قبل الفطر فيكتسب ذلك القدر، ولا يكون له منعه من ذلك تلك المدة التى يكتسب فيها، كما لا يمنعه من صلاة الفرض. ومذهبنا أنها لا تجب على العبد، وهو بمنزلة الفقير، إذ السيد قادر على انتزاع ماله، ومحمل الحديث عندنا على: بمعنى عن، أى يخرجها السيد عن عبده.

قال القاضى: قال الباجى: وقد تكون " على " عندى بمعناها على [قول] (١) من قال: إنها تجب على العبد، ولكن يحملها عنه السيد، أو يكون على من قال: إنما تجب على السيد كما تقول: يلزمك على كل دابة من دوابك درهم.

قال القاضى: وقال ابن قتيبة معنى: " صدقة الفطر ": صدقة النفوس، والفطرة أصل الخلقة وفيما قاله بُعْد، والأظهر ما تقدم.

وقوله: " على الناس " وفى الحديث الآخر: " وعلى الذكر والأنثى والحر والعبد ": حجة لعموم وجوبها على الجميع من أهل الحواضر والبوادى والأغنياء [والفقراء] (٢)؛ لأنها زكاة بدن، ليست بزكاة مال. وهو قول كافة الأئمة والعلماء خلافاً لليث (٣) وربيعة والزهرى وعطاء فى قصر وجوبها عندهم على أهل الحواضر [والقرى] (٤) دون أهل العَمُود (٥) والخصوص، خلافاً لأصحاب الرأى أنها لا تلزم من يحل له أخذ الزكاة واختلف قول مالك وأصحابه فى لزومها لمن يجوز له أخذها إذا ملكها. واختلفوا إذا وجد من يسلفه هل يلزمه أم لا؟ وقد استدل بعضهم بقوله: " أو أنثى " على أنه لايلزم الرجل إخراجها عن زوجته، وإنما تلزمها هى عن نفسها، وهو قول الكوفيين، ومذهب مالك والشافعى وجمهور العلماء لزومها للزوج كالنفقة. والكلام على احتجاجهم بـ " على كل أنثى " كالكلام على داود فى إلزامها العبد وقد تقدم.


(١) من هامش س.
(٢) من س.
(٣) قال الليث بن سعد: على أهل العمود زكاة الفطر، أصحاب الخصوص والمال، وإنما هى على أهل القرى.
(٤) فى س: والبوادى.
(٥) العَمُود: هو الذى تحامل الثَّقْلُ عليه من فوق كالسقف والعماد الأبنية الرفيعة. وقال الليث: يقال لأصحاب الأخبية الذين لا ينزلون غيرها: هم أهل عمود وأهل عماد.
والعمود: الخشبة القائمة فى وسط الخباء، يقال لأهله: عليكم بأهل ذلك العمود. انظر: اللسان، مادة " عمد ".

<<  <  ج: ص:  >  >>