فهذا هو قول المعتزلة فى القدر، وأنه كما ترى ليس قولاً واحداً مثل ما كان عليه القدرية الأول، وإنما تشابهت أقوالهم مع أقوالهم. راجع فى ذلك. مقالات الإسلاميين ٢٢٧. (١) زيدت قبلها فى ت: من. ومذهب الفلاسفة الذى أشار إليه القاضى هنا هو قولهم: بأن للعالم صانعاً، لم يزل ليس بعالم ولا قادر، ولا حى، ولا سميع، ولا بصير، ولا قديم، وقد عبروا عن ذلك بقولهم: نقول: عين لم يزل. ولم يزيدوا على ذلك. مقالات ٤٨٣. وذهب المعتزلة إلى نفى الصفات عن الله -تعالى- بزعم نفى تعدد القدماء، فكان أبو الهذيل العلاف شيخهم يقول: إن علم البارئ -سبحانه- هو هو، وكذلك قدرته وسمعه، وبصره وحكمته، وكذلك قوله فى سائر صفات ذاته. قال أبو الحسن الأشعرى: وهذا أخذه أبو الهذيل عن أرسطاطاليس، وذلك أن أرسطاطاليس قال فى بعض كتبه: إن البارئ علمُ كله، قدرةٌ كلُه، حياةٌ كله، سمعٌ كله. السابق ٤٨٥. قال الإمام ابن تيمية: والنفاة عمدتهم أنه لو قَبِل الحركة لم يخْل منها، ويلزم وجود حوادث لا تتناهى، ثم أدعوا نفى ذلك، وفى نفيه نقائص لا تتناهى. والمثبتون لذلك يقولون: هذا هو الكمال كما قال السلف: لم يزل الله متكلماً إذا شاء، كما قال ذلك ابن المبارك، وأحمد بن حنبل وغيرهما، وذكر البخارى عن نعيم بن حماد أنه قال: الحىُّ هو الفعال، وما ليس بفعال فليس بحى. الفتاوى ٨/ ٢٣. (٢) يقصد بذلك ما أخرجه أبو داود بسند منقطع عن ابن عمر عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " القدرية مجوس هذه الأمة " ك السنة، ب فى القدر ٢/ ٥٢٤. قال ابن القيم: إنما جعلهم مجوساً لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس فى قولهم بالأصلين؛ وهما النور والظلمة، ويزعمون أن الخير من فعل النور، والشَّر من فعل الظلمة، فصاروا ثنوية. وكذلك القدرية، يضيفون فعل الخير إلى الله والشر إلى غيره. والله -سبحانه وتعالى- خالق الخير والشر، لا يكون شىء منهما إلا بمشيئته. معالم السنن ٧/ ٥٨. (٣) فنفى القدر السابق، وهو أن الله -سبحانه- علم أهل الجنة من أهل النار من قبل أن يعملوا الأعمال، هو أشنوعة القدرية الأولى كما بين القاضى. وإثبات هذا القدر حق يجب الإيمان به، وقد نصَّ على ذلك الأئمة، كمالك والشافعى وأحمد، وقالوا: إن من جحد هذا فقد كفر. حكاه ابن تيمية فى الفتاوى ٨/ ٦٦.