للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقوله فيه: " بارزاً للناس ": أى ظاهراً بالبراز، وهو الفضاء من الأرض، [ومنه المبارزة فى القتال] (١) ومنه البروز لصلاة العيد، والاستسقاء.

وقوله: " تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدى الزكاة المفروضة "، قال الإمام: أما التقيِيدُ للصلاة بأنها مكتوبةٌ فبيّنٌ وجههُ، [لأن منها نوافل ليست بمكتوبة] (٢)، وأما التقيد فى الزكاة بأنها مفروضة، فيحتمل أن يكون تحرُّزاً من زكاة الفطر؛ لأنها ليست بفرض مكتوب على أحد القولين (٣) وتحرُّزاً من الزكاة المقدمة قبل الحول فإنها تجزى عند بعض أهل العلم وليست بمفروضةٍ حينئذ، ولكنها تسمى زكاة.

قال القاضى: يظهر لى أن تخصيصه الصلاة المكتوبة لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتا} (٤). قال المفسّرون: فريضةً مفروضةً، وقيل: موقتة. وقد جاء ذكرها بالمكتوبة مكرراً فى غير حديث، كقوله: " أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة قيام الليل " (٥).

وفى الحديث: " خمس صلوات كتبهُنَّ الله على العباد " (٦). وتخصيصه الزكاة بالمفروضة أى المقدرة؛ لأنها ماليةٌ محتاجةٌ إلى التقدير فى غير وجه من النصاب.

والجزء المخرج من المال وغير ذلك، ولهذا سُمِّى ما يخرجُ من الزكاة من الحيوانات


(١) سقط من الأصل، والمثبت من ت.
(٢) سقط من الأصل وق، وقيد فى ت بالهامش.
وجاء تعبير الشارع عن أداء الصلاة بلفظ الإقامة دون أخواتها من بقية الفرائض؛ وذلك لما أختصت به من كثرة ما تتوقف عليه من الشرائط، والفرائض، والسنن، والفضائل، وإقامتها إدامة فعلها مستوفاة جميع ذلك. إكمال الإكمال ١/ ٦٤.
(٣) من قال بأنها غير واجبة هم بعض المتأخرين من أصحاب مالك وداود، فيما حكاه ابن عبد البر. وقد نقل ابن قدامة عن ابن المنذر قوله: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض، وقال إسحاق: هو كالإجماع من أهل العلم، وذلك لما روى ابن عمر: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس، صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على حر وعبد، ذكر وأنثى من المسلمين. متفق عليه. زاد البخارى: والصغير والكبير من المسلمين. المغنى ٤/ ٢٨١.
ونقل ابن عبد البر عن أبى جعفر الطبرى قوله: " اجمع العلماء جميعاً -لا اختلاف بينهم- أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بصدقة الفطر، ثم اختلفوا فى نسخها ".
قال: والقول بوجوبها من جهة اتباع سبيل المؤمنين واجبٌ أيضاً؛ لأن القول بأنها غير واجبة شذوذ، أو ضربٌ من الشذوذ. التمهيد ١٤/ ٣٢٤.
(٤) النساء: ١٠٣.
(٥) جزء حديث أخرجه أحمد فى المسند عن أبى هريرة. بلفظ: " أفضل صلاة ... " ٥/ ٥٣٥.
(٦) الحديث بهذا اللفظ جزء حديث للنسائى وأحمد والبيهقى عن عبادة بن الصامت، النسائى، ك الصلاة، ب المحافظة على الصلوات الخمس ١/ ٢٣٠، أحمد فى المسند ٥/ ٣١٥، البيهقى فى السنن الكبرى ١/ ٣٦١، وأخرجه أبو داود بلفظ: " افترضهن الله " ك الصلاة، ب فى المحافظة على وقت الصلاة ١/ ١٠٠ من حديثه أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>