للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ، فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِى، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَقَالَ: " إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلا كُلُّ

ــ

الركوب فى أعمال الحج، لاسيما ولما فيه من القوة على طول الوقوف للدعاء والذكر، ولاسيما فى حق النبى - عليه السلام - فى الوقوف بعرفة، فقد استحبه العلماء اقتداء بالنبى - عليه السلام - وما رُوى من طوافه راكباً وسعيه راكباً فليراه الناس، وليسمعوا قوله، ويروا فعله فيقتدوا به، وسيأتى الكلام على طوافه - عليه السلام - راكباً. وفيه جواز استظلال المحرم فى القباب والخيام ولا خلاف فيه. واختلف فى استظلال الراكب فى حال الوقوف، وكرهه مالك وأهل المدينة وأحمد بن حنبل، وأجاز ذلك غيرهم، وعليه عند مالك الفدية، وكذلك استظلاله عندنا فى سائر سفره فى الحج حال ركوبه، وكذلك لو كان نازلاً بالأرض أو راجلاً فاستظل بما يقرب من رأسه، وسيأتى بقية الكلام عليه. ونمرة المذكورة فى هذا الحديث موضع بعرفة، وهو الجبل الذى عليه أيضاً (١) الحرم على يمين الخارج من مأزَمَىْ منى إلى الموقف. ونمرة أيضاً موضع بقديد آخر.

وقوله: " حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت ": أى ردّ عليها رحلها الذى تركب عليه. فيه أن وقت زيغ الشمس - وهو ميلها وزوالها - وقت الرواح إلى عرفة.

وقوله: " فخطب ": هى من سنن الحج للأئمة عندنا فى قول جميع المدنيين والمغاربة، وقال الشافعى وأبو حنيفة: ليس عرفة بموضع خطبة، وهو قول العراقيين من أصحابنا، وزعموا أن هذه الخطبة إنما هى تعليم.

وخطب الحج ثلاثة قبل يوم التروية بيوم:

خطبة بعد صلاة الظهر فى المسجد الحرام عندنا، وقيل: قبل الزوال.

الثانية: بعرفة، خطبتان يجلس فيهما (٢)، وهو تعليم للناس لمناسكهم.

والثالثة: بعد يوم النحر بيوم، وهو أول أيام الرمى، واحدة أيضاً بعد صلاة الظهر تعليم لما بقى من المناسك. ووافق أبو حنيفة فى جميعها وخالف الشافعى فى خطبة ثانى النحر وزاد خطبة [يوم النحر بعد الظهر] (٣) ذلك [بعد] (٤) يوم النفر. وفيه استدلال


(١) فى س: أنصاب.
(٢) فى س: بينهما.
(٣) زائدة فى س.
(٤) ساقطة من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>