الثلاث، فمذهب مالك والليث والشافعى وربيعة وعطاء وابن المنذر لا إحداد عليها، ومذهب أبى حنيفة والكوفيين وأبى ثور والحكم وأبى عبيد؛ أن المطلقة ثلاثاً كالمتوفى عنها فى وجوب الإحداد. قال الشافعى وأحمد وإسحاق: الاحتياط أن تبقى المطلقة الزينة وذهب الحسن البصرى وشذ وحده إلى إبطال الإحداد جملة على المطلقة والمتوفى.
وقوله:" إلا على ميت ": يدل على اختصاص ذلك بالأموات دون المطلقات على ما ذهب إليه الجمهور. وقوله هذا محمول عند القائلين به على الوجوب لا على الندب. وقد أشار الباجى أن هذا من باب ورود لفظة " أفعل " بعد الحظر أنها تحمل على الوجوب، على ما ذهب إليه بعض الأصوليين، خلافاً لمن رآها على الإباحة، وليس هذا الحديث من هذا، ولا فيه ورود أمر بعد حظر، وإنما فيه استثناء من عموم الحظر، فلولا الاتفاق على حمله على الوجوب وأدلة الحديث الآخر. وقوله - عليه السلام - فى حديث أم سلمة فى الكحل:" لا " وما يبينه فى حديث أم عطية أكانت الإباحة أظهر فيه؟
وقوله:"أربعة أشهر وعشراً ": وهو لفظ عدد المؤنث ولو كان هذا على ظاهره لاختصت به الليالى. وقال المبرّد: أنّث العشر لأنه أراد به المدة، وقيل: أراد بذلك الأيام بلياليهن، وإلى هذا ذهب كافة العلماء، وأنها عشرة أيام بعد أربعة أشهر. وقال الأوزاعى: والأصح [القول](١) الأول وأنها تختص بعشر ليال وتحل فى اليوم العاشر. وحجتهم: تأنيث العشرة.
وقوله:" أربعة أشهر وعشر ": احتج به قوم على أن ما زاد على هذا العدد إذا كانت حاملاً لا يلزم فيه إحداد. وقد قال أصحابنا: عليها الإحداد حتى تضع وإن تمادى أمرها. وقوله فى هذا الحديث:" خلوق أو غيره ": الخلوق طيب مختلط.
وقوله:" ثم مسحت بعارضيها ": قال ابن دريد: عارضا الإنسان له موضعان: أحدهما: صفحة العنق فى بعض اللغات. والثانى: ما بعد الأنياب من الأسنان. وفى كتاب العين عارضة الوجه: ما يبدو منه، والعارضان: شقا الفم، والعوارض: الثنايا. وليس هذا المراد فى الحديث، وإنما هو الأول.
وقوله فى حديث أم سلمة فى المشتكية عينيها فى منعها الكحل:" لا، إنما هى أربعة أشهر وعشر ": ظاهر فى وجوب الامتناع من الزينة والإحداد، وقد نص عليه بعد فى حديث أم عطية من قوله:" لا تكتحل، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب، ولا تمس طيباً " الحديث، لكنه قد جاء فى حديث أم سلمة الآخر فى الموطأ: " اجعليه بالليل