للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦ - (...) حدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوْ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا. وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ، لَا سَمْرَاءَ ".

ــ

ويقدر العوض عنه لرفع التنازع فى ذلك كله لما بيناه، ولكن إنما يلزم على هذا أن يقال: فإذا ردها بعيب آخر غير التصرية وجب أن يرد عوض اللبن أيضاً لما قلتموه. وقد قال محمد: لا يرد عوض اللبن إلا إذا رده بالتصرية، قيل: هذا الذى قلتموه يلزم، وقد التزمه بعض شيوخنا، ولم يصوب ما قاله محمد فى هذا. وكأن محمداً رأى أنه شرع جاء فى التصرية خاصة، فلم يتعد فيه ما ورد الشرع به.

واختلف أيضاً إذا كانت الغنم التى صريت كثيرة، هل يرد لجميعها صاعًا واحدًا، أو لكل شاة صاعًا؟ والأصوب أن يكون حكم الكثير منها خلاف حكم الواحد؛ لأنه من المستبشع فى القول على مقتضى الأصول؛ أن يغرم متلف لبن ألف شاة، كما يغرم متلف لبن شاة واحدة، وإن احتج علينا بأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ساوى بين لبن الشاة والناقة مع كون لبن الناقة أكثر، قلنا: تقدم الجواب عن ذلك والانفصال عنه.

قال القاضى: اختلف قول مالك فى الأخذ بحديث المصراة على ما ورد، فمشهور قوله الأخذ به. وقال: أو آخذ فى هذا الحديث رأى، وهو قول الليث، والشافعى، وأبى ثور وأبى يوسف، وابن أبى ليلى فى إحدى الروايتين عنه، وفقهاء أصحاب الحديث. ومرة لم يقل به. وقال: ليس بالموطأ ولا الثابت، يريد العمل به، قال: وقد جاء الخراج بالضمان وهو قول أبى حنيفة والكوفيين، وقالوا: هو منسوخ. ورأى مالك أن الأصول تخالفه من الغلة بالضمان، وهو قوله فى العتبية. ويختص ابن عبد الحكم واختلافه فيه على اختلاف أصحاب الأصول فى تقدمة خبر الواحد على قياس الأصول المتفق عليها، وهو مشهور مذهب مالك وأصحابه، وعامة الفقهاء والأصوليين. أو تقدمة القياس عليها إذا اختلفت الأصول، وهو مذهب أبى حنيفة وأصحابه، وحكم بعض أئمتنا البغداديين على المذهب وعلى هذا الأصل حمل اختلاف قوله فى الأخذ بحديث غسل الإناء من ولوغ الكلب (١) والقرعة والعربة، ومثل هذا من أخبار.


(١) البخارى، ك الوضوء، ب الماء الذى يغسل به شعر الإنسان (١٧٢)، مسلم، ك الطهارة، ب حكم ولوغ الكلب (٢٧٩/ ٨٩)، أبو داود، ك الطهارة، ب الوضوء بسؤر الكلب (٧٣، ٧٤)، الترمذى، ك الطهارة، ب ما جاء فى سؤر الكلب (٩١)، وقال: حسن صحيح، النسائى، ك الطهارة، ب سؤر الكلب (٦٣، ٦٤)، ابن ماجه، ك الطهارة، ب غسل الإناء من ولوغ الكلب (٣٦٣، ٣٦٤). ولفظه عند مسلم: " إذا ولغ الكلب فى إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار ". من حديث أبى هريرة - رضى الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>