للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ

ــ

لو دفعنا عن اللبن لبنًا خفنا التفاضل والمزابنة؛ لأن ما كان فى ضرعها لا يتحقق تقديره بالصاع المردود لو كان لبنًا، ولو رد جميع ما حبس منها لخفنا فيه الزيادة بما تولد عنده من الغلة.

وقد أجمعوا أنه لا يرده مع لبن التصرية إلا ما اختلف فيه أصحابنا، إذا رضى بائعها بقبولها بلبنها، فأجازه بعضهم وقال: هى إقالة. وقال غيره: لا يجوز لأن اللبن غير متعين، ولو تعين جاز. وفى هذا اعتراض من وجوه: أحدها: أن حقيقة لبن التصرية مما تولد فى الضرع بعد الشراء لا يتحقق، فكيف تصح منها الإقالة، ولا يدرى تحقيق الزيادة فيه ولا قدرها؟ وقوله فى إحدى الروايات: " صاعًا من طعام " يحتج به من قال بظاهره أو عند عدم التمر. وقال الداودى: معناه: تمرًا فسره الحديث الآخر.

وقوله فى الحديث: " فهو بالخيار ثلاثة أيام " دليل على صحيح المذهب أن الحلبة الثالثة لا تقطع الرد وتمنعه، وهو قول مالك، وظاهر المدونة خلاف ظاهر كتاب محمد؛ من أن الحلبة الثالثة رضًا، لكن مالكًا لا يأخذ بذكر الثلاثة الأيام؛ إذ لم يكن فى روايته، ولكن فى معناها الثلاث الحلبات؛ لأن الأولى هى الدلسة والثانية فيها ظهرت الدلسة، والثالثة فيها تحققها. إذ قد يظن فى الثانية أن اختلافها من الأولى لاختلاف مرْعاها ... وما يعتيرها من إمساكها مرة التشوف بها وبقاء لبنها الأول غير محلوب فيعتل الضرع فى الحلبة الثانية للأولى. وهذه الحجة هنا أن الحلبة الثالثة ليست برضًا.

وجعل المخالفون هذا اللفظ أصلاً فى ضرب أجل الخيار، وأنه لا زيادة فيه على ثلاثة أيام، وهو قول أبى حنيفة والشافعى. وقال ابن أبى ليلى، وأبو يوسف ومحمد بن الحسن: قليل الخيار وكثيره جائز. ومالك لا يرى للخيار أجلاً محدودًا لا يتعدى، بل قدر ما يختبر فيه المشترى واختلف فى ذلك باختلافها لتيسر اختبار الثوب كاختيار العبد وسكنى الدار. وبيع الخيار عندنا جائز ضرب له أجل أم لا، ويضرب الحاكم للمبيع من الأجل قدر ما يختبر فيه مثلهما، خلافًا لأبى حنيفة والشافعى فى إبطاله إذا لم يضرب له أجل وهو رخصة خاصة من الأصل للضرورة الداعية للبحث عن المشترى، وتقصى معرفته وأخذ رأى من يريد مشورته فيه، وسيأتى الكلام على بيع الخيار بعد هذا.

وحديث المصراة أصل فى الرد بالعيب، كان فى ذات المبيع وغلته، وأن التدليس لا يفسد البيع، وأنه يوجب الخيار، خلافًا لأبى حنيفة فى حكمه برد قيمة العيب دون المعيب، وأصل فى كل ما يشتريه من هاهنا وغلته فيه ظاهرة كالصوف على ظهور الغنم، والتمر فى رؤوس النخل، إنه إن ردها أنه يرده معها. وليس حكمه حكم إلغائها، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>