نقص فعلىَّ "؛ ولهذا قلنا فى غير الطعام الذى لا يجوز فيه التفاضل: لو حقق أن ما وقع إليه أكثر أو أقل لجاز، وقد ارتفع.
وأجمع العلماء على أنه لا يجوز بيع الزرع قبل حصده بالطعام، ولا بيع العنب والنخل قبل جذه بالتمر أو الزبيب. واختلفوا فى بيع رطب ذلك تبايعه مجذوذ، فحمله بعضهم على منعه، لا يجوز متفاضلاً ولا متماثلاً. وأجازه أبو حنيفة متماثلاً، وخالفه صاحباه، ومنعه أصحابنا فى كل رطب ويابس من الثمار، وأجاز بعضهم ذلك فيما يجوز فيه التفاضل إذا تبين الفرق، وهو الصحيح وعليه حمل مجمل قول الآخرين.
قال الإمام: وأما قوله: " والمحاقلة أن يباع الزرع بالقمح واستكراء الأرض بالقمح " هذا الذى وقع فى التفسير فى هذا الحديث، وبعض أهل اللغة يقول: الحقل اسم للزرع الأخضر، والحقل اسم للأرض نفسها التى تزرع فيها. وفى الحديث: " فما تصنعون بمحاقلكم " (١) أى بمزارعكم، يقال للرجل: أحقل، أى أزرع. وقال الليث: الحقل الزرع إذا تشعب من قبل أن تغلظ سوقه. فإن كانت المحاقلة مأخوذة من هذا فهو من بيع الزرع قبل إدراكه. قال: والحقلة: المزرعة، ويقال: لا تنبت البقلة إلا الحقلة. وقال أبو عبيد: هو بيع الطعام وهو فى سنبله بالبر مأخوذ من الحقل، وهو الذى يسميه الناس بالعِرَاق: القراح. وقال قوم: هى المزارعة بالجزء مما تنبت الأرض.
قال الإمام: الذى وقع فى الحديث من التفسير يجمع هذا كله؛ لأنَّا إِنْ قلنا: إن ذلك تسميته للزرع الأخضر فكأنه نهى عن بيعه بالبر؛ إذ بيعه بالعروض والعين يجوز إذا كان معلوماً، وكان المحاقلة تدل على ذلك لأنها مفاعلة؛ ولذلك قال أبو عبيد فى تفسيرها: إنها بيع الطعام فى سنبله بالبر، وظن الآخرون أنها بيعه قبل زهوه، فكأنه قال: نهى عن بيع الزرع الأخضر، وهذا يطابق قوله: " نُهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن السنبل حتى يبيض "، فهذه طريقة من صرف التسمية إلى الزرع الأخضر.
ووقع الاختلاف بينهم هل المراد بيعه وهو أخضر قبل زهوه، أم المراد بيعه فى سنبله بقمح آخر لا يعلم حصول التماثل بينهما؟ والوجهان ممنوعان إذا بيع فى الوجه الأول على التبقية، وطريقة من صرفه إلى الأرض نفسها اختلف - أيضاً - هل المراد اكتراؤها بالحنطة