للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وحدّثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ - عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

ــ

عليه، خلافًا للحسن البصرى والزهرى فى قولهما: إن المال يتبع العبد فى البيع، وهذا الحديث يرد عليهما.

والوجه الثانى: العتق، وما فى معناه من العقود التى تفضى إلى العتق، وتسقط النفقة عن السيد كالكتابة، فالمال للعبد إلا أن يشترط، خلافًا لأبى حنيفة والشافعى فى قولهما: إنه للسيد فى العتق، ودليلنا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أعتق عبدًا وله مال فماله له، إلا أن يشترطه السيد " (١) فيمن يعيد الضمير فى قوله: " له " على العبد لأنه المذكور نطقًا، وإنما ذكر السيد بكناية عنه ترجع إليه عند قوله: " من أعتق " فلابد أن يضمر عقيب قوله: " أعتق " عائد يعود إلى " السيد " بحكم مقتضى لفظة " من "، وعود الضمير والكناية على الصريح أولى من عوده على الكناية والإضمار، ولأن الكناية يملك بها ماله وهى بسبب العتق، فنفس العتق أولى.

والوجه الثالث: الجناية، فالمال فيها يتبع الرقبة، وينتقل بانتقالها.

والوجه الرابع: الهبة والصدقة، وفيهما قولان عندنا، وإنما اختلف فيهما لأخذهما شبهًا من العتق الذى يتبع العبد فيه المال وشبهًا من البيع الذى لا يتبعه فيه، فالبيع خرج من ملك إلى ملك بعوض على جهة الاختيار، والعتق خرج من ملك إلى غير ملك بغير عوض. والهبة خرجت بغير عوض فأشبهت العتق، ومن ملك إلى ملك فأشبهت البيع. ويجوز عندنا أن يشترطه المشترى وإن كان عينًا والثمن عين، وكأنه لا حصة (٢) له من الثمن فلا يدخله الربا، وهذا على أنه اشترطه للعبد وأبقاه على ملكه، فكأنه لم يملك هو عينًا دفع عوضها عينًا أخرى، ولو اشترط لنفسه ما جاز لتحقق الربا حينئذ، وصار كمن اشترى سلعة وذهبًا بذهب، وذلك لا يجوز. قد قال أصحابنا: فى هذا الحديث دلالة على أبى حنيفة والشافعى فى قولهما: إن العبد لا يملك؛ لأنه أضاف المال للعبد بلام الملك، واللام (٣) ترد للملك ولليد والتصرف، كقولهم: الولاية لفلان فى المال، هكذا قيل فى هذا. وعندى فيه نظر؛ لأن الولاية لفلان ضرب من الملك [والتصرف، فلا يعد فيها ثالثًا هذا المثال] (*)، وترد اللام للاختصاص كقولهم: الحركة للحجر، والباب للدار.


(١) أبو داود، ك العتق، ب فيمن أعتق عبداً وله مال (٣٩٦٢) ابن ماجه، ك العتق، ب من أعتق عبداً وله مال (٢٥٢٩) من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنه.
(٢) فى نسخة من نسخ ع: حظ.
(٣) فى نسخة الإكمال: المال، والمثبت من ع، وهو الصواب.
(*) قال معد الكتاب للشاملة: ما بين المعقوفين خطأ، وتصويبه من كتاب المعلم للمازري (٢/ ٢٦٩)، وقد ورد كالتالي:"لتصرّفٍ ما فلا يعد قسماً ثالثًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>