للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلِ اللهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ ".

ــ

القسم الخفض كما ضموا: لعمرك، كأنه أضمر يمينًا ثانيًا، وقال: وأيمنك ولأيمنك عظيمة، وعمرك ولعمرك عظيم. وقد قيل: إن ليمن إنما معناه: لا ليمن، على من جعلها ألف وصل، أقسم على النفى ما ندرى.

وقال بعضهم: ومعنى ليمن الله: يمين. وبه فسر من قال هذا قوله: ليمن الله: وأقسم، أى يمين الحالف بالله، أو أيمانه بالله، وقد يكون على هذا: أى يمين الله أو أيمانه التى يحلف بها على إضافة التعظيم والتشريف، كما قيل: ناقة الله، أو الاختصاص كما قيل: عباد الله، قال: وسمى اليمين يمينًا باسم يمين ليدل أنهم كانوا يبسطون أيديهم إذا تحالفوا. وعن ابن عباس: أن يمين اسم من أسماء الله تعالى.

وقوله: " لو قال: إن شاء الله لم يحنث، ولولدت كل واحدة غلامًا ": يستدل به على جواز قول: لو ولولا. وقد ترجم البخارى على هذا: باب ما يجوز من اللو، وأدخل فيه قول لوط: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} الآية (١)، وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو كنت راجمًا بغير بينة لرجمت هذه " (٢)، و " لو مد بى الشهر لوصلت " (٣)، و " لولا حِدَثان قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم " (٤)، و " لولا الهجرة لكنت امرَأ من الأنصار " (٥) ومثل هذا.

فالذى ينفهم من ترجمة البخارى، وما أَدْخَلَ من القرآن والآثار فى الباب من لو ولولا أنه يجوز استعماله فيما يكون من الاستقبال وتحت قدرة الإنسان فما امتنع من فعله لامتناع غيره، وهو باب لو أو امتنع من فعله لوجود غيره وهو باب لولا؛ لأنه لم يدخل فى بابه سوى ما هو للاستقبال من الآى والآثار ما هو حق وصحيح متيقن، كقوله: " لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار " (٦) دون ما هو فى الماضى والمنقضى، أو ما يكون فيه التحرض على الغيب وعلم الله، والاعتراض على قدره السابق، وقد جاء عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النهى عن مثل هذا فى حديث من قوله: " وإذا أصابك شىء فلا تقل: لو أنى فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل " (٧)، وقد قال بعض العلماء: معنى


(١) الآية ٨٠ من سورة هود، وانظر: البخارى، ك التمنى، ب ما يجوز من اللو ٩/ ١٠٥.
(٢) البخارى، ك التمنى، ب ما يجوز من اللو ٩/ ١٠٥.
(٣) البخارى، ك التمنى، ب ما يجوز من اللو ٩/ ١٠٦.
(٤) البخارى، ك الحج، ب فضل مكة وبنيانها ٢/ ١٧٩، ومسلم، ك الحج ٢/ ٣٩٩.
(٥) البخارى، ك التمنى، ب ما يجوز من اللو ٩/ ١٠٦.
(٦) انظر: السابق.
(٧) مسلم، ك القدر، ب فى الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله ٤/ ٣٤، وابن ماجه، ك المقدمة، ب فى القدر ١/ ٧٩ وهما عن أبى هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>