للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهُمَا. فَقَالَ: يَا عَمِّ، هَلْ تَعْرف أَبَا جَهْلٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، ومَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِى؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادِى سَوَادَهُ، حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا. قَالَ: فَتَعَجَّبْتُ لِذَلكَ. فَغَمَزَنِى الآخَرُ فَقَالَ مِثْلَهَا. قَالَ: فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَىَ أَبِى جَهْلٍ يَزُولُ. فِى النَّاسِ، فَقُلْتُ: أَلا تَرَيَانِ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِى تَسْأَلانِ عَنْهُ. قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ، فَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا، حَتَّى قَتَلاهُ. ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَاهُ. فَقَالَ: " أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ "، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا

ــ

من الأوس، فتمنيت لو كنت بين أضلع منهما ": لا أعلمه وقع فى كتاب مسلم فى جميع النسخ إلا هكذا، ووقع فى بعض روايات البخارى: " أصلح " (١) بالحاء، وهكذا رواه مسلم دون رواية جماعة من الحفاظ " أضلع " وهو أصوب.

قال الإمام: كذا وقع فى بعض الروايات - يعنى أضلع - والأشبه أحد، أراد به: لو كنت بين رجلين أقوى منهما. ويقال للرجل الشديد الخلق: إنه لضليع [الخلق] (٢) وفى حديث على - رضى الله عنه - فى وصف النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كما حمل فاضطلع بأمرك. هو افتعل من الضلاعة وهى القوة، ويقال: هو مضطلع عليه، أى قوى عليه، وقد تقدم ذكر السلب قبل هذا.

قال القاضى: وقوله: " لئن رأيته لا يفارق سوادى سواده حتى يموت الأعجل منا ": أى شخصى شخصه. والشخص يسمى سواداً، وفى الحديث: " أنت السواد الذى رأيت أمامى " (٣).

وقوله: " حتى يموت الأعجل منا " قيل: هو شىء استعمل فى كلام العرب، كأنه يريد الأعجل أجلاً والأقرب موتاً.

وقوله: " فلم أنشب أن نظرت إلى أبى جهل يزول فى الناس ": كذا روايتنا عن كافة شيوخنا فى الكتاب وعند بعضهم عن ابن ماهان: " يرفل "، والرواية الأولى أظهر وأوجه. ومعنى " يزول ": أى يتحرك ويترجح ولا يستقر على حال ولا فى مكان. والزوال الزمام والقلق ويصححه رواية من رواه: " يرقل " إن صحت، أى يسبل ثيابه أو درعه ويجرها. ومعنى " لم أنتشب ": لم يطل الاْمر، أى لم أشتغل بشىء ولم يشغلنى وهو استعارة لمن تعلق بشىء، يقال: نشب فيه.


(١) الفتح ٦/ ٢٤٨.
(٢) ساقطة من الأصل، والمثبت من س، ع.
(٣) سبق فى كتاب الجنائز، فى باب ما يقال عند دخول القبر برقم (١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>